وقد ترجمه ابن أخته الأديب قسطاكي بك الحمصي في تاريخه «أدباء حلب في القرن التاسع عشر» وأورد له جملة من شعره فارجع إليه إن شئت.
١٢٨٢ ـ الحاج مصطفى الأنطاكي الشاعر المتوفى حول سنة ١٣١٠
الحاج مصطفى بن عبد الوهاب بن مصطفى المعروف بالأنطاكي ، الحلبي المولد والمنشأ ، الشاعر المشهور ، أحد النابغين في الشعر المبرزين فيه.
ولد في الشهباء بعد الستين والمائة والألف ظنا ، وتلقى العلوم العربية والأدبية في مبدأ عمره على فضلاء ذلك العصر ، فملأ منها ذنوبه واكترع منها كأسا رويا ، واجتنى من الآداب ثمرا يانعا ، ولمعت عليه بوارق الفضل في مدة يسيرة لما كان عليه من الذكاء وتوقد الذهن وسرعة الخاطر ، فأخذ في قرض الشعر واستخرج درره وصوغ عقوده ، وانقادت له المعاني وصارت طوع إرادته وعلى رؤوس أقلامه وأطراف أنامله. وفي عنفوان شبابه اقتعد غارب الاغتراب إلى بغداد لتعاطي التجارة بها لأنه من بيت عريق فيها ، وهناك ألقى عصا تسياره ، وسمع به فضلاء بغداد وأدباؤها ، فهرعوا إليه ، ولما بان لهم فضله وأدبه الجم التفوا حوله وصار حانوته سوق عكاظ ومجمع أهل الأدب والفضل. وأقام هناك مدة طويلة ، وراج أمر تجارته في مبدأ الأمر ، ثم أخذ الدهر في معاكسة آماله ، ولم يزل على ذلك إلى أن ذهب منه جل ماله ، ولم ترق له الإقامة في بغداد وهو على تلك الحال ، فاضطر إلى مغادتها وقصد دار الخلافة ، وكان قد شاع أمر الشيخ أبي الهدى الصيادي فيها وعظمت منزلته عند السلطان عبد الحميد الثاني وأصبح كعبة القصاد ومنتهى الآمال ، فحط رحاله لديه ، فأكرم نزله وقدر مكانته ومزيته وحسن به حاله ، وامتدحه المترجم بعدة قصائد من غرر الشعر. وبقي هناك إلى أن أدركته المنية في حوالي سنة ١٣١٠.
ولم تكن له عناية بجمع شعره ، فمزقته أيدي الزمان ، وهو جدير بالجمع والتدوين لسلاسة مبانيه وحسن معانيه ، وربما وجد شعره في بغداد وفي مكتبة الشيخ أبي الهدى لأنه كان خصيصا به في آخر عمره. وقد أثبت هنا ما وصل إلي من نظمه وقد جمعته من عدة مجاميع ومنه يعلم منزلته من الشعر ورسوخ قدمه فيه ، قال :
إن هذا العذار في وجه من قد |
|
فاق حسنا على بدور السماء |