الاقتباس قوله تعالى : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ)(١) وذلك على أثر ورود رسالة من الشام تضمنت ذكر من ضمن تلك الآية من أدباء الشام ، فحذا أدباء الشهباء حذوهم وأدلوا بين تلك الدلاء دلوهم.
ونحن نثبت هنا تلك الرسالة برمتها لندرة وجودها وحسن انسجامها وبداعة إنشائها وإن كانت على طريقة السجع التي كانت رائجة في ذلك الحين ، ولأنها تضمنت ترجمة (١٩) فاضلا وأديبا كانوا غرة في جبين عصرهم وحلوا بفضلهم جيد زمنهم ، وقد ظفرت بترجمة (١٣) شخصا منهم وهي مثبتة هنا في محالها وستة منهم وهم الأديب الحاج مصطفى آغا كوجك علي آغا ، ومحمد أفندي الخسروي ، وحسين أفندي الغوري ، والشيخ مصطفى الكردي العمادي ، والشيخ محمد طالب البكفالوني المعروف بالدهني ، والشاعر الأديب محمود المعري ، وهؤلاء لم أقف لهم على ترجمة.
وكان إنشاء المترجم لهذه الرسالة كما ذكره في آخرها سنة ١٢٠٤ وتوفي سنة ألف ومائتين وثلاث وثلاثين كما وجدته منقوشا في لوح قبره في تربة الشعلة خارج محلة باب النيرب. قال رحمهالله تعالى :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي رفع لأهل الأدب في مقام حضرته ذكرا ، وفتح لهم باب الطلب فارتاحوا إلى سؤاله وأعقبوا النعمة شكرا ، نطق كل مصقع بما يصل إليه بيانه فاستبان العجز أوفق وأحرى ، وأخذ اليراع يترجم لسانه فأحصر المملي عن درك شأوه حصرا ، والصلوة والسلام على ناظم شتات الكمال بالذهن الذهين والنقل الرصين في العالمين خلقا وأمرا ، المجتبى لسيادة تتقاصر خطباء البلاغة عن وصف قلمها نظما ونثرا ، وسعادة تذر مواهب الوهاب على ممر الأحقاب فائضة على الوجود فلا تتناهى عدا وحصرا ، المؤيد بأرفع قدر خشع له الأشم الباذخ وتصدع من هيبته الطرد الشامخ على الملة العوجاء حتى قصم من كل جاهد ظهرا ، القائل عند سماع الموعظة إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا ، وعلى آله وأصحابه المصدري البيض حمرا بعد أن وردت هاما غبرا ، صلاة وسلاما دائمين على ما تلى التالي ذكرا.
__________________
(١) الزخرف : ٥١.