وفي سنة ١٣٠٣ زار الآستانة أيضا وقدّم لخزانة السلطان عبد الحميد خان نسخة من الشجرة المحمدية على طرز جميل جدا ، وعند أولاده الآن نسخة ثانية ، وهي في ٢٠ صحيفة كبيرة الحجم. وهذه الشجرة مأخوذة عن نسخة قديمة في مكتبة المدرسة الأحمدية وأولها : قال نقيب النقباء بمصر أبو علي محمد ابن القاضي الكامل السعدي ابن علي الحسيني الجواني النسابة : هذه تحف شريفة وطرف منيفة ، تختص بالمنصب المطهر النبوي ، والفخر المقدس المصطفوي ، وضعها برسم الملك الناصر صلاح الدنيا والدين وتصلح أن تكون تاريخا مختصرا في بيان أعمام النبي وأخواله وكتّابه وحجّابه وخدّامه إلى غير ذلك. كتب بخطه منها ثلاثا أو أربع نسخ إحداهن على ورق ثخين جدا.
وكان كتب لوحة فيها (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) سنة ١٢٩١ وكتب داخلها بعض سور من القرآن وهي الآن عند أولاده.
وكان يكتب بظفره أيضا وكان مما كتبه به [حسبي الله وحده] واللوحة موجودة عند أولاده. وله آثار متعددة في الخط.
وكان إماما وخطيبا في جامع النحويين في محلة سويقة الحجارين وشيخا للتكية الحريرية هناك.
وفي أخريات عمره تنازل عن وظائفه لولده الشيخ محمد لكبر سنه وأقبل على خويصّة نفسه إلى أن توفي سادس عشر رمضان سنة ١٣١٩ وله من العمر ثلاث وثمانون عاما ، ودفن في تربة العبارة ، رحمهالله تعالى.
١٢٩٧ ـ صدّيق أفندي الجابري المتوفى سنة ١٣٢٠
الحاج صدّيق أفندي ابن الحاج عبد الحميد الجابري ، أحد أعيان الشهباء ووجهائها.
جمع إلى وجاهته علما وفضلا وأدبا وتصوفا ، ومنزله مجمع الفضلاء وسوق عكاظ الأدباء ، لما يرون فيه من حسن المذاكرة ولطيف المحاورة ، مع رأي صائب وفكر ثاقب ، يرجع إليه في المهمات ويشاور في النائبات ، فيجد الناس لديه مخرجا ومن ضيقهم فرجا.
أدركته وقد وهن العظم منه واشتعل رأسه شيبا ، وجلله الوقار وعمته الحشمة والهيبة ،