هكذا جرت عادة هذه الطائفة ، فهي من بركات السلف عائدة على الخلف.
كالبحر يمطره السحاب وماله |
|
منّ عليه لأنه من مائه |
ا ه فاستمر المترجم على الانقطاع في بيته ، وكان قد تعاطى الأسباب المعاشية نحو ثلاث مرات فتعسرت عليه المعيشة ، فترك ذلك وجلس على الفتوح فكان يأتيه رزقه من حيث لا يحتسب ، فتارة يكون في سعة وتارة يكون في ضيق. وكان يقبل ما يأتيه من النذر ولا يقبل ما يأتيه من الهدايا ولو كانت سنية ، وكانت الناس تقصده في حوائجهم فتقضى بتوجهاته ودعائه كما اشتهر ذلك عنه ، ورزق القبول التام عند الخاص والعام مع المهابة والتوقي والاحترام. وكان حاله الستر والخفا والتمكن ، وله أصحاب مخصوصون يجتمعون به في أول النهار والليل ، وكان الغالب عليه التكلم في وحدة الأفعال ظاهرا ، وقليلا ما كان يتكلم في وحدة الصفات والذات ظاهرا.
وكان معلنا بمحبة السادة الصوفية ، وكان يثني كثيرا على الأستاذ العارف الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي ، وكذلك على كتب العارف الشعراني رضياللهعنهم.
وأخذ عنه أناس كثير من حلب وغيرها واعتقدوه وتلمذوا له.
ولم يدع من تآليفه غير رسالتين الأولى في المشط المصنوع من الباغة سماها «الإساغة للتسريح بالمشط المعروف بالباغة» ، والثانية في الحديثين اللذين أخرجهما في مسند الفردوس ما روي عنه صلىاللهعليهوسلم من قوله : (من قال أنا مؤمن فهو كافر) ، وقوله عليهالسلام : (من قال أنا مؤمن حقا فهو كافر أو منافق).
وكانت وفاته بحلب في صبيحة يوم الأربعاء العشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف ، ودفن في بيته بإشارة منه قبل وفاته بنحو سنة ، والآن يزار مرقده رحمهالله تعالى. ا ه.
١١٢٥ ـ عبد الرحمن بن عبد الله الحنبلي المتوفى سنة ١١٩٢
ترجمه المرادي في تاريخه ، وترجم هو نفسه في ثبته الذي سماه «منار الإسعاد في طرق الإسناد» رأيته بخطه وهو محرر سنة ١١٩٠ فلخصتها منه وذيلتها ببعض ما في المرادي.