قال رحمهالله تعالى : وأحببت أن أختم هذا الثبت المبارك بذكر ترجمتي اقتداء بمن قبلي من الأئمة والمحدثين ، فقل ما ألف أحد منهم تاريخا أو غيره إلا وترجم نفسه فأقول : أنا العبد الفقير إلى رحمة ربه العلي عبد الرحمن الحنبلي الشامي مولدا ومنشا الحلبي أصلا ووطنا ابن الشيخ العالم العامل والجهبذ الحبر الكامل الشيخ عبد الله ابن الشيخ الإمام القدوة العالم العامل الولي الصالح بركة الديار الشامية الشيخ أحمد الحنبلي البعلي الشهير بالخطيب ابن الشيخ محمد بن أحمد بن محمد بن مصطفى ، هكذا أملاني الوالد المرحوم نسبه ، وقال لي : لا أعرف ما اسم من فوق مصطفى. وأخبرني أخي الكبير الشيخ محمد الحنبلي رحمهالله تعالى أن من أجدادنا العالين الشيخ سليمان السبسبي المشهور المدفون خارج مدينة حماة ، وأن منهم الشيخ جندل المدفون بمنين من أعمال دمشق ، ولنا قرابة من ذريته بمدينة حمص مشهورون إلى الآن. وكان جدي الشيخ أحمد المذكور يترجم نفسه بقوله : الحلبي أصلا البعلي مولدا الدمشقي وطنا ، فعلى هذا يمكن أن الأصل كانوا من حلب أولا ثم ارتحلوا منها إلى حماة ثم إلى بعلبك وفيها كان مولد الجد وأولاده ، ثم ارتحلوا منها إلى دمشق بأهله وأولاده ، وفيها كانت ولادتي وولادة إخوتي. وشهرته بالخطيب لأنه كان يخطب بيونين من أعمال بعلبك ، واستمرت هذه الشهرة علينا إلى زماننا فكنا نعرف ببيت الخطيب ، ثم اشتهرنا بعد ذلك بالحنابلة ، ثم صارت شهرتي الآن في مدينة حلب بالشامي والحنبلي. (ثم قال) : وأما مولدي فقد رأيت بخط الوالد المرحوم أنه كان في الثاني عشر من شهر جمادى الأولى سنة عشرة بعد المائة والألف ، ثم بعد أن بلغت سن التمييز شرعت في قراءة القرآن العظيم حتى ختمته على والدي في مدة يسيرة ، ثم شرعت في الاشتغال بطلب العلم سنة عشرين ، وكان سني إذ ذاك عشر سنين ، فقرأت على شيخنا الشيخ عواد الحنبلي النابلسي النحو والفقه الحنبلي ، وتدرجت عليه في القراءة زمانا طويلا ينوف على عشرين سنة ، وهو أول من أخذت عنه العلم. ثم في سنة ١١٢٢ بعد أن توفي والدي إلى رحمة الله تعالى لازمت مع أخويّ دروس حضرة شيخنا شيخ الإسلام أبي المواهب في الحديث والفقه نحو خمس سنين ، ودروس شيخنا الشيخ عبد القادر التغلبي في الحديث والفقه والنحو والفرائض والأصول وغير ذلك مدة ١٥ سنة وأجازني إجازة عامة ، ثم قرأت على شيخنا الشيخ محمد المواهبي ولازمته نحو تسع سنين وأجازني بجميع ما تجوز له وعنه روايته ، وقرأت على شيخنا العارف بربه الشيخ عبد الغني النابلسي رحمهالله تعالى كتاب «فصوص الحكم» ، وحضرت دروسه في «تفسير البيضاوي» وفي «الفتوحات المكية» ولازمته