أعيان القرن الرابع عشر
١٢٦٣ ـ الشيخ مصطفى الشربجي الفرضي المتوفى سنة ١٣٠١
الشيخ مصطفى بن محمد الشربجي (بضم الشين وسكون الراء وفتح الباء).
وكان رحمهالله من العلماء العاملين والصلحاء المشهورين ، وله اليد الطولى في علم الفرائض ، وانتهت إليه الرياسة فيه وتلقاه عنه الكثير. وكان وقورا محتشما مهابا مقبولا لدى الخاص والعام قانعا من دنياه بما تيسر.
حدثني تلميذه الشيخ أحمد بن محمد ابن الشيخ بكري المعروف بالمرحوم قال : خدمته اثنتين وثلاثين سنة فما رأيته قال لأحد : أعطني وظيفة كذا ، بل كان متى دعي إلى تقسيم تركة أو حضور مبايعة يتوجه وما يعطى له يأخذه ويضعه في جيبه ، قليلا كان أو كثيرا.
وبقي قريبا من ستين سنة يقرأ علم الفرائض في بيته ، وكان يقرأ من الظهر إلى العصر.
وكان سكناه في محلات الجديدة ، وكان الكثير من الناس إذا حصل فيما بينهم نزاع وخلاف يتحاكمون إليه ويرجعون إلى قوله ، حتى مسيحيو حلب ، فقد كانوا يتركون المحاكم ويترافعون إليه لعلمهم أنه كان وقّافا عند الحق ولا تأخذه فيه لومة لائم.
ولم يزل على حاله إلى أن توفاه الله يوم الثلاثاء في الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة سنة إحدى وثلاثمائة وألف عن مائة عام أو تنقص قليلا ، فيكون قد استغرق القرن الماضي بتمامه. وكانت جنازته مشهودة حضرها الوالي وقتئذ جميل باشا ، وكان كثير المحبة والزيارة له ، وأمر أن يحضر جنازته تلامذة المدارس جميعها اعتناء بشأنه واعترافا بفضله ومقامه ، وكنت وقتئذ في جملة من شهد جنازته مع تلامذة مكتب الزينبية الكائن في محلة الفرافرة وعمري ثماني سنين ، وكنت في ذلك الحين أجوّد القرآن وأتلقى الخط ومبادىء الحساب فيه عند الشيخ محمود المرتيني ، ودفن في مقبرة السيد علي ، وأسف الناس لموته أسفا عظيما ، رحمهالله تعالى.