الكرسي الموضوع تجاه مقام سيدنا زكريا ، وسمع منه الجم الغفير ، وحضره كثير من الناس وأفاد ، واشتغل عليه الناس بالأخذ في داره ، وأخذ عنه الطريق كثير من الناس من حلب وأطرافها وانتفعوا به. وعلا قدره عند الحكام والأعيان وأظهروا له الانقياد والإذعان ، ونفذت كلمته وقبلت شفاعته ، وفاق فضله على أبيه وجده.
وكان لطيفا مهابا لين العشرة حسن المذاكرة قوي الحافظة في الآثار والسنن وافر العبادة والتنفل والذكر.
ومن جملة من أخذ عنه محمد خليل أفندي المرادي مفتي دمشق الشام ، وأجازه إجازة عامة في حلب سنة ألف ومائتين وخمس.
وفي سنتها خرج المترجم إلى الحجاز ورجع إلى بلده ، ولم يزل على ما كان عليه من الدأب على العلم والعبادة والذكر والإرشاد إلى أن توفي خامس شهر رمضان سنة ثماني عشرة ومائتين وألف رحمهالله تعالى. ا ه. (حلية البشر).
١١٦٩ ـ الشيخ أحمد البابلّي المتوفى في حدود ١٢١٨
الشيخ أحمد بن عبد الله بن منصور ، الحلبي البابلّي الشافعي الأشعري ، الفقيه الصوفي العالم العامل ، الورع الزاهد ، العابد الفاضل الكامل.
ولد سنة إحدى وثلاثين وماية وألف ، ونشأ في طلب العلم ، وكان جيد القريحة سريع الفهم. أخذ الفضائل عن جملة من الأفاضل ، منهم أبو محمد عبد القادر المخملجي (١) ومحمد ابن حسين الزمار والبدر حسن السرميني والنور علي الألطونجي وصالح بن رجب المواهبي وولده محمد وأبو الثناء محمود بن شعبان البزستاني وقاسم بن محمد البكرجي وأبو اليمن محمد العقاد وعلي بن إبراهيم العطار وأبو السعادات طه بن مهنا الجبريني وأبو الطيب المغربي المالكي وقاسم بن محمد النجار وأبو محمد عبد الكريم بن أحمد الشراباتي ومصطفى بن عبد القادر الملقي ولازمه إحدى عشرة سنة وأنفع به ، وسمع على الجميع ، وحضر مجالس التحديث والاستماع ولازم دروسهم ووعظهم وأذكارهم وأحسن معاملتهم وتباعد عن مخالفتهم إلى أن ألفته الطباع وانعقد على فضله الإجماع.
__________________
(١) في «حلية البشر» : المخلي.