وتبيين شناعاتهم وتفنيد ما ذهبوا إليه من القول بوحدة الوجود العالم الفاضل الشيخ طاهر أفندي الكيالي المشهور بالملا الذي لا زال في عداد الأحياء ، وأكثر من ذلك في دروسه ومجالس وعظه ، فخفت شرتهم وتثلمت حدتهم ، ولاذوا بالتوبة والإقلاع عما يرتكبونه من السفاسف ، وكذلك من كان هنا على هذه الشاكلة ، فقد انطفأت منذ خمس عشرة سنة شرارتهم ، وخمدت نارهم ، وانتبهوا بعد غفلتهم ، وتبين لهم الرشد من الغي ، وثابوا إلى الصراط القويم بعد الضلال المبين ، ولم يبق منهم إلا أشخاص قلائل يعدون بالأصابع نسأل الله لهم الهداية وسلوك سبل الرشاد.
١٢٤٧ ـ ترجمة الشيخ علي اليشرطي الشاذلي
ولا بأس أن نذكر هنا ترجمة الشيخ علي اليشرطي مؤسس هذه الطريقة في البلاد السورية ، لأن النفس تتوق إلى معرفة أصله وترجمته ، وقد نقلناها عن التاريخ الموسوم ب «حلية البشر» للعلامة الأديب الفاضل الشيخ عبد الرزاق البيطار الدمشقي الذي لا زال مخطوطا (١) ، قال :
هو الشيخ علي بن أحمد المغربي اليشرطي الشاذلي الترشيحي ، شيخ الطريقة ، ومعدن السلوك والحقيقة. ولد في بنزت من أعمال تونس الغرب سنة ألف ومايتين وإحدى عشرة ، ووالده الحاج أحمد اليشرطي ، قيل نسبته إلى بني يشرط : قبيلة بالمغرب قيل إنها تنسب إلى سيدنا الحسن بن علي سبط رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان قائدا كبير للجيش التونسي ولم يترك ولدا غير المترجم المشار إليه ، فالتفت المترجم من صغره إلى الطلب وحضور دروس العلماء والفضلاء ، إلى أن نال مطلوبه وملك مرغوبه ، ثم أخذ الطريقة الشاذلية عن أستاذ العصر وفرد الدهر الأستاذ الكبير والعالم الشهير أبي محمد بن حمزة ظافر المدني ، فاشتغل بهمة قوية وسيرة مرضية ، ودأب على الذكر في السر والجهر ، وكان مقدما عند الشيخ على الجماعة لما شاهده منه من كمال الانقياد والطاعة. ولم تزل مرتبته تتعالى وخوارقه في الطريق تتوالى إلى أن تأهل للإرشاد ، وارتقى مقامه وساد.
وبعد وفاة شيخه وأستاذه وعمدته وملاذه قصد مكة المكرمة للنسك ، وبعد أن أتم
__________________
(١) طبع الكتاب في مجمع اللغة العربية في ثلاثة أجزاء عام ١٩٦١ بتحقيق محمد بهجة البيطار.