وكان رحمهالله مواظبا على تلاوة الأذكار في العشي والأبكار.
وقد تلقى الطريقة الشاذلية عن بعض أركانها القوية ، واشتغل بطريق السلوك إلى ملك الملوك ، حتى قطع عقباته وتحلى بسني هباته ، وسطعت خوارقه ولمعت بوارقه ، وظهرت كراماته ظهور الشمس ، واشتهرت اشتهار الخمس. ومنها ما حكاه رواة الأخبار عن والد تلميذه الشيخ أحمد الحجار أنه كان يأتي بولده المذكور فيقول : يا سيدي ، ادع لابني ، فإنه يهمل العمل في أشغاله في الجبل ، فيقول له الأستاذ : دعه ، فإن ابنك سيكون من أوعية العلم وحملة الشريعة وحفظة السنة.
وكان رحمهالله جوادا مقداما ، إذا انتهكت المحارم لا تأخذه في الله لومة لائم.
وأخذ عنه خلائق لا يحصون ، منهم الشيخ محمد والشيخ أحمد نجلا الشيخ عبد الكريم الترمانيني وولده الشيخ محمد والشيخ أحمد الحجار والشيخ مصطفى الشربجي وغيرهم. وكان يقيم الذكر في تكيته ليلة الأحد. وبالجملة فقد ملكه الله زمام الفضائل وجعله نسخة المحاسن وديوان المآثر ومجموع المفاخر. وانتهت إليه رئاسة التدريس بالجامع الأموي بحلب ، ودرس بجامع باب الأحمر ، وقضى عمره رحمهالله في علم ينشره وصالح يذكره وحق ينصره وباطل يميته فيقبره ، إلى أن أتاه داعي الحق في سنة أربع وعشرين ومائتين ، وحضر غسله شيخه الكوكب المتلالي الشيخ إبراهيم الهلالي ودفن بمقبرة الكليباتي.
وأعقب المترجم ولدين هما الشيخ محمد والشيخ مصطفى وستأتي ترجمة الأول.
١١٧٩ ـ الشيخ يحيى المسالخي المتوفى سنة ١٢٢٥
الشيخ يحيى بن محمد ، الحلبي الشافعي الشهير بالمسالخي والمصالحي ، الشيخ الإمام العلامة المحقق الفاضل الكامل.
ولد بحلب ونشأ بها وأخذ عن علمائها. ورحل إلى الديار المصرية فأخذ عن الشيخ أحمد الملوي ومن في طبقته. وقد وقفت على رسالته في النحو ومولد شريف وجملة إجازات تشهد بفضله ونبله. وممن أخذ عن الشيخ عبد الله الكردي الحيدري وتلميذ هذا جدنا العلامة الشيخ حسن الشطي.