النصيحة. وكان من الورع على جانب عظيم لا يماري كبيرا ولا يمتهن صغيرا ولا يقيم للدنيا وزنا. وكان له ولد يدعى إسماعيل لم يبلغ العشرين نجيب فاضل ورع كامل أصيب به في طاعون سنة ١١٧٥ فاحتسبه وصبر ، وفي السنة التي بعدها توجه إلى الحج فتوفي آيبا من الحج قرب دمشق رحمهالله.
١١٠٠ ـ طه بن مهنا الجبريني المتوفى سنة ١١٧٨
طه بن مهنا الشافعي الجبريني المحتد الحلبي المولد ، العالم الفاضل المتقن العلامة المحقق ، واحد الدهر في الفضائل ، المفسر المحدث ، صاحب الإحاطة بالعلوم العقلية والنقلية. كان ألمعيا وحيدا ، له الذكاء المفرط ، كاملا بحاثا محققا مدققا ورعا زاهدا ناسكا.
ولد في سنة أربع وثمانين وألف (١) ، وطلب بنفسه وأخذ عن علماء ذلك العصر ، وحبب إليه الطلب إذ بلغ فسعى وجد واجتهد.
ورحل إلى الحجاز في سنة إحدى وثلاثين بعد المائة ، وسمع صحيح البخاري على شارحه المتقن الضابط أبي محمد عبد الله بن سالم البصري وأجاز له به وبباقي ما يجوز له. وقرأ العربية على الشيخ عيد المصري. ومن مشايخه الشيخ تاج الدين القلعي مفتي مكة والشيخ عبد القادر المفتي بها أيضا ، وأخذ عنهما وعن الشيخ يونس المصري والشيخ أبي الحسن السندي ثم المدني وغيرهم.
وعاد إلى وطنه واشتغل بالإفادة وألحق الأحفاد بالأجداد. ثم عاد إلى الحجاز في سنة إحدى وستين بعد المائة أيضا وجاور بمكة المكرمة نحوا من سنتين ، وعاد إلى وطنه.
وكتب على صحيح البخاري قطعة صالحة وصل بها إلى المغازي ، وله تراجم أهل بدر الكرام (٢) رضياللهعنهم وغير ذلك (٣) من التحريرات ، وانتفع به خلق لا يحصون كثرة. وله مداعبة لأحبابه.
__________________
(١) الصواب أن ولادته سنة ١١٠٥ كما في تاريخ ابن ميرو.
(٢) يوجد منه عدة نسخ في حلب منها نسخة بخطه عند خليل أفندي المرتيني ، ونسخة أخرى بخطه عندي وهي تنقص كراسة أكملتها بخطي من نسخة في مكتبة محمود أفندي الجزار التي كانت موضوعة في الجامع الكبير ، وبلغني أنه طبع لكني لم أره مطبوعا.
(٣) منها شرح حافل على الأربعين النووية ذكره ابن ميرو في تاريخه في ترجمة الشيخ طه المذكور.