أو مس ترب مقامه وربوعه |
|
بالجفن كي يحظى بتقبيل الثرى |
فلقد أذاب الشوق مهجة ماجد |
|
لو لا الغرام لما أباح وسطرا |
لو زرته لعلمت ما فعل النوى |
|
ونظرت أعجب ما نظرت من الورى |
جسما يحاكيه الهلال نحافة |
|
والنور لطفا والهواء تسيّرا |
وقد ظفرت بمنظومته المسماة «بعقود الآداب» التي ذكرها المرادي في تعداد آثاره وبغير ذلك من نظمه الحسن ، وفي إيراد الجميع طول فاكتفيت بهذا المقدار.
وقد وقف كتبه على التكية الإخلاصية في محلة البياضة ، وهي هناك غير أنها لم تبق على حالها وفيها نفائس كثيرة لو تكلمت عليها لطال ذيل الكلام.
١١٢١ ـ عطاء الله الصحّاف المتوفى سنة ١١٩٠
عطاء الله بن عبد الله الصحّاف ، العالم الفاضل المتحلي بمحاسن الأخلاق والأوصاف ، نحوي العصر وخلاصة أبناء الدهر ، بل جهبذ تتمايل به الفضائل وجدا ، وتكسى من معالمه الأفاضل بردا ، ونظّار تسطع الشهب من نور بصيرته ، ومحقق تقف الألسن عند ذكر سيرته ، وإمام تقتدي النهى بآرائه ، وهمام تسامت همته عن نظرائه ، إن ذكر اللسان فعضب لا ينبو ، أو جلي البيان فنار لا تخبو ، أو مسايرة الإخوان فجواد لا يكبو ، أو العلوم العربية والمعاني الأدبية ، فهو ابن بجدتها المقتعد متون النجب الأبية.
ولد رحمهالله بحلب في حدود الأربعين بعد المائة والألف ، واشتغل بالفقه النفيس ، على المذهبين النعماني وابن إدريس ، وشمر ساق الجد إلى تحصيل الفضائل مع تشعب فنونها ، وقطع الفيافي من سهو لها وحزونها. ثم تصدر للإقراء والإفادة ، خافضا جناحه لأولي الطلب والاستفادة ، يمضي ليله في تلاوة كلام الخالق ، ونهاره في نشر العلم وقطع العوائق ، حتى توفاه الله بدرا طالعا ، واختاره إلى جواره عابدا طائعا ، في ثالث صفر سنة تسعين ومائة وألف.
وله من الغزل الرائق المطبوع ، والمديح النبوي المسموع ، ما هو عند الخبير مستجاد ، ويلهي عن أحاديث ميّة وسعاد. وله في جناب الوالد المرحوم المبرور قصائد كأنهن القلائد ، منها قوله مهنئا له في الفتوى سنة ١١٨٧ :