هذا وقد جرت عادة العلماء قدس الله أرواحهم الطاهرة أن يذكروا عند ختم الدروس مشايخهم في الدراية والرواية ، ومن انتمى إليه في سلوك سبل الهداية ، وإن هذا العبد الفقير ليس من فرسان هذا الميدان ، ولا يذكر في حلبة سباق ولا رهان :
ولكن البلاد إذا اضمحلت |
|
وأقفر نبتها رعي الهشيم |
والقصد الأعلى من ذلك التبرك بأنفاسهم الزكية ، والاستئناس بمراتبهم العلية ، وعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ، وتستمطر غيوث النعمة ، والتشبه بالكرام فلاح ، ومحبة الصالحين صلاح ، فأقول وبالله التوفيق.
من مشايخي الكرام بل أعزهم عندي وأجلهم إليّ بوأه الله دار السلام والدي الهمام البارع أبو الفضل الشيخ عطاء الله بن الحاج عبد الله المشهور نسبه ببني الخوجة ، قرأت عليه المقدمات في النحو والعروض ، وأخذت عنه الفقه وغذاني بجميل المعارف ، وأسبغ عليّ ظلال العوارف ، وانتفعت به علما ودينا وأكثر اشتغالي عليه ، فرحم الله ثراه ، وبلغه من وجه الكريم أقصى مناه.
ومنهم علامة العصر وخاتمة فضلاء الدهر أبو اليمن محمد المعروف بالعقاد ، كان رحمهالله شيخ والدي ، وكان يحضرني عنده الدروس الحديثية والتفسير ، وسمعت من فوائده وانتفعت بعوائده ، فعليه رحمة الرحمن في كل عهد وآن.
ومنهم عمدة العلماء وقدوة الأصفياء أبو البركات عثمان بن عبد الرحمن العقيلي ، حضرت دروسه في الجامع الصغير ، وقرأت عليه حصة يسيرة في العربية ، وشملتني بركاته ونفحاته.
ومنهم قدوة الأفاضل الشيخ قاسم المغربي التونسي المالكي ، قرأت عليه كثيرا وحضرت عنده في المغني لابن هشام في شرح الألفية للبدر ابن مالك وفي الشافية لابن الحاجب وفي غير ذلك ، وانتفعت بتحقيقاته وشمول بركاته.
ومنهم فقيه العصر عبد القادر الديري الشافعي ، بل شافعي زمانه ورافعي أوانه ، حضرت عنده في شرح المنهج لشيخ الإسلام وفي المنهاج للقطب النووي وفي غير ذلك من فقه الإمام الشافعي ، وتيمنت بفضائله وانتقيت محاسن شمائله.