الجبار والجبائي وابنه وأبي المعالي وأبي قاسم الأنصاري وخلق لا يحصون كثرة ، ورأيت استشكالات فضلائهم ورؤسائهم لمواضع الإشكال ومخالفتها ما كان ينقدح لي كثير منه.
ورأيت آخر من تجرد للرد عليهم شيخ الإسلام (يعني به ابن تيميّة) رضياللهعنه ، فإنه أتى في كتابيه الكبير والصغير بالعجب العجاب وكشف أسرارهم وهتك أستارهم ، فقلت في ذلك :
واعجبا لمنطق اليونان |
|
كم فيه من إفك ومن بهتان |
مخبّط لجيّد الأذهان |
|
ومفسد لفطرة الإنسان |
مضطرب الأصول والمباني |
|
على شفا هار بناه الباني |
أحوج ما كان إليه العاني |
|
يخونه في السر والإعلان |
يمشي به اللسان في الميدان |
|
مشي مقيّد على صفوان |
متصل العثار والتواني |
|
كأنه السراب بالقيعان |
بدا لعين الظامىء الحيران |
|
فأمه بالظن والحسبان |
يرجو شفاء علة الظمآن |
|
فلم يجد ثم سوى الحرمان |
فعاد بالخيبة والخسران |
|
يقرع سن نادم حيران |
قد ضاع منه العمر في الأماني |
|
وعاين الخفة في الميزان |
وما كان من هوس النفوس بهذه المنزلة فهو بأن يكون جهلا أولى منه بأن يكون علما تعلمه فرض كفاية أو فرض عين. وهذا الشافعي وأحمد وسائر أئمة الإسلام وتصانيفهم وسائر أئمة العربية وتصانيفهم وأئمة التفسير وتصانيفهم لمن نظر فيها هل راعوا فيها حدود المنطق وأوضاعه ، وهل صح لهم علمهم بدونه ، أم لا بل كانوا أجلّ قدرا وأعظم عقولا من أن يشغلوا أفكارهم بهذيان المنطقيين ، وما دخل المنطق على علم إلا أفسده وغير أوضاعه وشوش قواعده. ا ه.
فعسى أن يكون بما أوردناه لك من أقوال العلماء في نفي فائدته وثمرته والدلائل الواضحة على ذلك مقنع كاف تهتدي به إلى الرشد وترجع إلى مهيع الصواب ولا تضيع وقتك الثمين في العكوف عليه والتوسع فيه. لكن لما كانت كتب العلوم الدينية وسائلها ومقاصدها مملوءة بعبارات المناطقة ، خصوصا كتب الأصول والتوحيد ، وكان المرور بهذه العبارات