وقد شنع العلماء على من عربها وأدخلها في علوم الإسلام ، ونقل عن ابن تيميّة الحنبلي أنه كان يقول : ما أظن الله تعالى يغفل عن المأمون العباسي ولابد أن يعاقبه بما أدخل على هذه الأمة (فجوابه) : أن ذلك مركوز في جبلاتهم السليمة وفطرهم المستقيمة ، ولم يفتهم إلا العبارات والاصطلاحات كما ذكر في علم النحو. ا ه.
أقوال من نفى ثمرته والرد على من ذهب إلى ذلك :
قال الإمام الذهبي في «تاريخ الإسلام» في ترجمة الإمام الغزالي :
وقال أبو عمرو بن الصلاح : فصل لبيان أشياء مهمة أنكرت على الغزالي ، منها قوله في المنطق وهو مقدمة العلوم كلها ، ومن لا يحيط به فلا ثقة بعلومه أصلا. وهذا مردود ، فكل صحيح الذهن منطقي بالطبع ، وكيف غفل الشيخ أبو حامد عن حال مشايخه ومشايخهم من الأئمة وما رفعوا بالمنطق رأسا. ا ه.
وقال ابن القيم في كتابه «مفتاح دار السعادة» (١) بعد أن ذكر فوائد العلوم والحاجة إليها : وأما المنطق فلو كان علما صحيحا كان غايته أن يكون كالمساحة والهندسة ونحوها ، فكيف وباطله أضعاف حقه ، وفساده وتناقض أصوله واختلاف مبانيه توجب مراعاتها للذهن أن يزيغ في فكره ولا يؤمن بهذا إلا من قد عرفه وعرف فساده وتناقضه ومناقضة كثير منه للعقل الصريح. وأخبر بعض من كان قد قرأه وعني به أنه لم يزل متعجبا من فساد أصوله وقواعده ، ومباينتها لصريح المعقول ، وتضمنها لدعاو محضة غير مدلول عليها ، وتفريقه بين متساويين وجمعه بين مختلفين ، فيحكم على الشيء بحكم وعلى نظيره بضد ذلك الحكم ، أو يحكم على الشيء بحكم ثم يحكم على مضاده أو مناقضه به. قال : إلى أن سألت بعض رؤسائه وشيوخ أهله عن شيء من ذلك ، فأفكر فيه ثم قال : هذا علم قد صقلته الأذهان ومرت عليه من عهد القرون الأوائل ، أو كما قال ، فينبغي أن نتسلمه من أهله. وكان هذا من أفضل ما رأيت في المنطق. قال : إلى أن وقفت على رد متكلمي الإسلام عليه وتبيين فساده وتناقضه ، فوقفت على مصنف لأبي سعيد السيرافي النحوي في ذلك وعلى رد كثير من أهل الكلام والعربية عليهم كالقاضي أبي الطيب والقاضي عبد
__________________
(١) ذكره في الكلام على قوله صلىاللهعليهوسلم : طلب العلم فريضة على كل مسلم (ص ١٦٤).