ثم إن الشيخ خير الله المذكور كان يوما في قرية (كفر حمرا) وكان له بها علاقة ، فأراد القيلولة فقال ، فرأى في منامه حضرة الأستاذ ، قال الراوي : إما الرفاعي أو الصياد قدست أسرارهم ، وقال له قم هذه الساعة وتوجه إلى حلب وأعط الخلافة في الطريقة الرفاعية للسيد محمد ، فقام منزعجا وبادر إلى حلب ، وكان يوما حرورا ، فوصل من القرية إلى حلب في حصة قليلة لأن المسافة قريبة بعيد الظهر ، وطرق الباب على الوالد وأخرجه إلى الزاوية وأعطاه الخلافة وأهداه ثوبا من القماش القطني الشامي ، وتوجه في الحال إلى القرية ولم يخبر الوالد بشيء مما صار ، فعجب الوالد من ذلك وتحقق أن هذا أمر خفي. ثم بعد ذلك اجتمعا وأخبره بما جرى فأقام الوالد على خدمة الطريقتين القادرية والرفاعية يقيم الذكر القادري يوم الأربعاء والذكر الرفاعي يوم الأحد مع الملازمة على تلاوة القرآن مع الحفظة من الأخوان ، وكثر أخوانه ومريدوه. وزار الاستاذ أحمد الصياد في جماعة كثيرة من المريدين وجرى له هناك في الحضرة من القبول وعلاماته والإقبال وأماراته من السادة الأسلاف ما رفع بين المنكرين الخلاف.
ثم قدم هذه البلدة العالم الجليل والأستاذ الكبير الشيخ عبد الوهاب المصري الأزهري الشافعي رحمهالله تعالى ، فأخذ عنه الطريقة الشاذلية خلافة بعد ملازمة طويلة وانتفع به كثيرا ، وأخذ عنه طرقا عديدة ولازم دروسه تجاه الحضرة في أموي حلب واختلى معه الخلوة الشاذلية ثلاثة أيام بإحياء لياليها كجاري العادة في الخلوة الشاذلية ولازمه إلى آخر عمره. وبعد وفاته اتفق كبار إخوانه على أن يخلفه في قراءة الأوراد الشاذلية في أموي حلب مع الإخوان وأن يكون شيخهم ، وبايعوه على ذلك ، فانشرح صدره لذلك واستمر على تلاوة الأوراد المذكورة في المحل المومى إليه ، وبايعه جماعة كثيرة في هذه الطريقة وزاد انتشارها وظهرت بركاتها عليه وعلى من انتمى إليه.
ثم قدم حلب شيخان من الغرب جليلان عريقان أحدهما من ذرية سيدي عبد السلام ابن مشيش ، والثاني من ذرية سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنهم أجمعين ، ونزل في دار عبد الله الميري رحمهالله تعالى ، فأنزلهما في داره في محل مخصوص اعتناء بشأنهما وطلبا منه أن يولي خدمتهما لرجل مجرب الأطوار قليل الكلام مستور الحال ، فاتفق أن عين لهما رجلا متصفا بهذه الأوصاف ، وكان من إخوان الوالد ، فسألا يوما عن الطرق التي تقام شعائرها في البلدة ، فعدها لهم وذكر الطريقة الشاذلية من الجملة وأن شيخ السجادة