تخبر أنك مررت برجل في حال تعلّم ولا تفهّم ، ولكنّك أردت أن تذكر الرجل بفضل فيه وأن تجعل ذلك خصلة قد استكملها كقولك له حسب حسب الصالحين لأنّ هذه الأشياء وما يشبهها صارت تحلية عند الناس وعلامات ، وعلى هذا الوجه رفع الصوت ، وإن شئت نصبت فقلت له علم علم الفقهاء كأنّك مررت به في حال تعلّم وتفقّه وكأنّه لم يستكمل أن يقال له عالم ، وإنما فرق بين هذا وبين الصوت لأنّ الصوت علاج وأنّ العلم صار عندهم بمنزلة اليد والرّجل ، ويدلّك على ذلك قولهم له شرف وله دين وله فهم ، ولو أرادوا أنّه يدخل نفسه في الدين ولم يستكمل أن يقال له دين لقالوا يتديّن وليس بذلك ويتشرّف وليس له شرف ويتفهّم وليس له فهم ، فلمّا كان هذا اللفظ للذين لم يستكملوا ما كان غير علاج بعد النصب في قولهم له علم علم الفقهاء ، واذا قال له صوت صوت حمار فانما أخبر أنه مرّ به وهو يصوّت صوت حمار ، واذا قال له علم علم الفقهاء فهو يخبر عمّا قد استقرّ فيه قبل رؤيته وقبل سمعه منه ، أو رآه يتعلّم فاستدل بحسن تعلّمه على ما عنده من العلم ، ولم يرد أن يخبر أنّه إنما بدأ في علاج العلم في حال لقيّه إيّاه لأن هذا ليس مما يثنى به وإنما الثناء في هذا الموضع أن يخبر بما استقرّ فيه ولا يخبر أنّ أمثل شيء كان فيه التعلّم في حال لقائه.
[باب ما يختار فيه الرفع اذا ذكرت المصدر الذي يكون علاجا]
وذلك اذا كان الآخر هو الأوّل وذلك قولك له صوت صوت حسن ، وإنما ذكرت الصوت توكيدا ولم ترد أن تحمله على الفعل لمّا كان صفة وكان الآخر هو الأوّل كما قلت ما أنت إلا قائم وقاعد حملت الآخر على أنت لمّا كان الآخر هو الأوّل ، ومثل ذلك له صوت أيّما صوت وله صوت مثل صوت الحمار لأنّ أي والمثل صفة أبدا ، واذا قلت أيّما صوت فكأنّك قلت له صوت حسن جدّا وهذا صوت شبيه بذاك فأى ومثل هما الأول ، فالرفع في هذا أحسن لأنك ذكرت اسما يحسن أن يكون هذا الكلام