هكذا أنشدناه يونس ، كأنه قال لا يضيرها من يأتها كما كان ، وإني متى أشرف ناظر على القلب ولو أريد به حذف الفاء جاز فجعلت كإن ، وإن قلت أقول مهما تقل وأكون حيثما تكن ، وأكون أين تكن ، وآتيك متى تأتني ، وتلتبس بها أنّى تأتها لم يجز إلا في الشعر وكان جزما وإنما كان من قبل أنهم لم يجعلوا هذه الحروف بمنزلة ما يكون محتاجا الى الصلة حتّى يكمل اسما ألا ترى أنه لا يقول مهما تصنع قبيح ولا في الكتاب مهما تقول ، اذا اراد أن يجعل القول وصلا فهذه الحروف بمنزلة إن لا يكون الفعل صلة لها فعلى هذا فأجر ذا الباب.
[باب ما تكون فيه الأسماء التي يجازي بها بمنزلة الذي]
وذلك قولك إنّ من يأتيني آتيه ، وكان من يأتيني آتيه ، وليس من يأتيني آتيه وإنما أذهبت الجزاء من هاهنا لأنك أعملت كان وإنّ ولم يسغ لك أن تدع كان وأشباهه معلّقة لا تعملها في شيء فلمّا أعملتهن ذهب الجزاء ولم يكن من مواضعه ، ألا ترى أنك لو جئت بان ومتى تريد إنّ إن وإنّ متى كان محالا فهذا دليل على أنّ الجزاء لا ينبغي له أن يكون هاهنا بمن وما وأي ، فان شغلت هذه الحروف بشيء جازيت فمن ذلك قولك إنّه من يأتنا نأته ، وقال عزوجل (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ) وكنت من يأتني آته وتقول كان من يأته يعطه وليس من يأته يحببه اذا أضمرت الاسم في كان أو في ليس لأنه حينئذ بمنزلة لست وكنت ، فان لم تضمر فالكلام على ما ذكرنا ، وقد جاء في الشعر انّ من يأتني آته ، قال الأعشي : [خفيف]
(١) إنّ من لام في بني بنت حسّا |
|
ن ألمه وأعصه في الخطوب |
__________________
ـ على ما هو عليه في التأخير ومن مبتدأة على أصلها* وصف قرية كثيرة الطعام من امتار منها وحمل فوق طاقته لم ينقصها والطوق الطاقة والمطبعة التي ملئت وطبع عليها.
(٦٦٢) الشاهد في جعل من للجزاء مع اضمار المنصوب بان ضرورة ولذلك جزم ألمه والتقدير انه من يلمني في تولي هؤلاء القوم والتعويل عليهم في الخطوب ألمه وأعص أمره في كل خطب يصيبني.