وكذلك لو قال الّا واني حاجزي كرمي ، وتقول ما غضبت عليك الا أنّك فاسق كأنك قلت إلا لأنك فاسق ، وأما قوله عزوجل (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ) فانما حمله على منعهم ، وتقول اذا اردت معنى اليمين أعطيته ما إنّ شرّه خير من جيد ما معك وهؤلاء الذين إن أجبنهم لأشجع من شجعائكم ، وقال الله عزوجل (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) فإنّ صلة لما كأنك قلت ما والله إنّ شرّه خير من جيد ما معك.
[باب آخر من أبواب إنّ]
تقول أشهد إنه لمنطلق فأشهد بمنزلة قوله والله إنه لذاهب وإنّ غير عاملة فيها أشهد لأنّ هذه اللام لا تلحق أبدا إلا في الابتداء ، ألا ترى أنك تقول أشهد لعبد الله خير من زيد كأنك قلت والله لعبد الله خير من زيد فصارت إنّ مبتدأة حين ذكرت اللام كما كان عبد الله مبتدء حين أدخلت فيه اللام ، فاذا ذكرت اللام هيهنا لم تكن إلا مكسورة كما أن عبد الله لا يكون هيهنا إلا مبتدأ ، ولو جاز ان تقول أشهد أنّك لذاهب لقلت أشهد بلذاك فهذه اللام لا تكون الا في الابتداء وتكون اشهد بمنزلة والله ، ونظير ذلك قول الله عزوجل (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) وقال عزوجل (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) لأن هذه توكيد كأنه قال يحلف بالله إنه لمن الصادقين وقال الخليل أشهد بأنك لذاهب غير جائز ، من قبل أن حروف الجرّ لا تعلّق ، وقال اقول اشهد إنه لذاهب وإنه منطلق أتبع آخره اوّله ، وان قلت اشهد أنه ذاهب وانّه لمنطلق لم يجز إلا الكسر في الثاني لأن اللام لا تدخل ابدا على أن وانّ محمولة على ما قبلها ولا تكون الّا مبتدأة باللام ، ومن ذلك ايضا قولك قد علمت انّه لخير منك فإن هيهنا مبتدأة وعلمت هيهنا بمنزلتها في قولك لقد علمت
__________________
ـ والصحيح قول سيبويه لأنه ذكر عبد الملك وعبد العزيز ابني مروان بن الحكم ومشهور سؤاله اياهما واعطاؤهما اياه وانما يريد اذ سألهما وأعطياه حجزه كرمه عن الالحاف بالسؤال وعن كفر النعمة.