أنشدناه منصوبا وزعم أنّ العرب كذا تنشده.
واعلم أنه لا يجوز أن تقول إياك زيدا كما أنه لا يجوز أن تقول رأسك الجدار حتى تقول من الجدار أو والجدار وكذلك أن تفعل اذا أردت إياك والفعل ، فاذا قلت ايّاك أن تفعل تريد اياك أعظ مخافة أن تفعل أو من أجل أن تفعل جاز لأنك لا تريد أن تضمّه الى الاسم الأوّل كأنك قلت ايّاك نحّ لمكان كذا وكذا ، ولو قلت ايّاك الاسد تريد من الأسد لم يجز كما جاز في أن الّا أنّهم زعموا أنّ ابن أبي اسحق أجاز هذا البيت في شعر : [طويل]
(١) ايّاك ايّاك المراء فانّه |
|
الى الشرّ دعّاء وللشّر جالب |
كأنّه قال ايّاك ثم اضمر بعد ايّاك فعلا آخر فقال اتّق المراء ، قال الخليل لو أنّ رجلا قال إياك نفسك لم أعنّفه لأن هذه الكاف مجرورة ، وحدّثني من لا أتّهم عن الخليل أنه سمع اعرابيا يقول اذا بلغ الرجل الستين فاياه وإيا الشّواب.
[باب يحذف منه الفعل لكثرته في كلامهم حتى صار بمنزلة المثل]
وذلك قولك هذا ولا زعماتك أي ولا أتوهّم زعماتك ، ومن ذلك قول الشاعر وهو ذو الرّمّة وذكر المنازل والديار [بسيط]
(٢) ديار ميّة إذ مىّ مساعفة |
|
ولا يرى مثلها عجم ولا عرب |
__________________
(٢٢١) الشاهد فيه نصب المراء بعد اياك مع اسقاط حرف العطف ضرورة والمعروف في الكلام اياك والمراء واياك والأسد ولا يجوز اياك الأسد كما لا يجوز اتق نفسك الاسد على ما بينه سيبويه ، ويجوز أن يكون المراء منصوبا باضمار فعل دل عليه اياك كأنه قال اياك تجنب المراء فلا يكون فيه ضرورة على هذا ، ويجوز أن يكون مفعولا له فحذف منه حرف الجر تشبيها بأن وما عملت فيه اذا قلت اياك أن تفعل كذا يريد اياك أعظك ان تمارى ثم وضع المراء موضعه ، والمراء المخالفة في الكلام والملاجة فيه.
(٢٢٢) الشاهد فيه نصب ديار مية باضمار فعل ترك استعماله وقامت بما تقدم دلالته فحذف وتقديره أذكر ديارمية وأعنيها ، ومعنى تساعفنا تواتينا على ما نريد وتساعدنا ، ورخم مية في غير النداء ضرورة ، ويقال كانت تسمي مياومية.