ولا يجوز أن يكون غير بمنزلة الاسم الذي يبتدأ بعد الّا وذلك أنهم لم يجعلوا فيه معنى الّا مبتدأ وانما أدخلوا فيه معنى الاستثناء في كل موضع يكون فيه بمنزلة مثل ويجزىء من الاستثناء ، ألا ترى أنه لو قال أتاني غير عمرو كان قد أخبر أنه لم يأته وان كان قد يستقيم أن يكون قد أتاه فقد يستغنى به في مواضع من الاستثناء ، ولو قال ما أتاني غير زيد يريد بها منزلة مثل لكان مجزئا من الاستثناء كأنه قال ما أتاني الذي هو غير زيد فهذا يجزيء من قوله ما أتاني الّا زيد.
[باب ما أجري على موضع غير لا على ما بعد غير]
زعم الخليل ويونس جميعا أنه يجوز ما أتاني غير زيد وعمرو والوجه الجرّ وذلك أن غير زيد في موضع الّا زيد وفي معناه فحملوه على الموضع ، كما قال :
* فلسنا بالجبال ولا الحديدا*
فلما كان في موضع الّا زيد وكان معناه كمعناه حملوه على الموضع ، والدليل على ذلك أنك اذا قلت غير زيد فكأنك قد قلت الّا زيد ألا ترى أنك تقول ما أتاني غير زيد والا عمرو فلا يقبح الكلام كأنك قلت ما أتاني الا زيد والا عمرو.
[باب يحذف المستثنى فيه استخفافا]
وذلك قولك ليس غير وليس إلا كأنه قال ليس إلا ذاك وليس غير ذاك ولكنهم حذفوا ذلك تخفيفا واكتفاء بعلم المخاطب ما يعني ، وسمعنا بعض العرب الموثوق بهم يقول ما منهما مات حتى رأيته في حال كذا وكذا وانما يريد ما منها واحد مات ، ومثل ذلك قوله عزوجل (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ومثل ذلك من من الشعر قول النابغة : [وافر]
(١) كأنك من جمال بني أقيش |
|
يقعقع خلف رجليه بشنّ |
__________________
(٥٦٩) الشاهد فيه حذف الاسم لدلالة حرف التبعيض عليه ، والتقدير كأنك جمل من هذه الجمال وبنو أقيش حى من اليمن في ابلهم نفار ويقال هم حي من الجن ومعنى يقعقع يصوت ، والقعقعة صوت الجلد البالي وهو الشن ، وانما وصف جبن عيينة بن حصن ، وهو من فزارة.