شئت رفعت كما رفعت مصاحب معان ولكنه كثر النصب في كلامهم لأنّ راشدا مهديّا بمنزلة ما صار بدلا من اللفظ بالفعل كأنه لفظ برشدت وهديت ، وسترى بيان ذلك ان شاء الله ، ومثله هنيئا مريئا ، وان شئت نصبت فقلت مبرورا مأجورا ومصاحبا معانا حدّثنا بذلك عن العرب عيسى ويونس وغيرهما كأنه قال رجعت مبرورا واذهب مصاحبا.
ومما ينتصب أيضا على اضمار الفعل المستعمل إظهاره قول العرب حدّث فلان بكذا وكذا فتقول صادقا والله أو أنشدك شعرا فتقول صادقا والله أى قاله صادقا لأنك اذا أنشدك فكأنه قد قال كذا ، ومن ذلك أيضا ان ترى رجلا قد أوقع أمرا أو تعرّض له فتقول متعرّضا لعنن لم يعنه أي دنا من هذا الامر متعرّضا لعنن لم يعنه ، وترك ذكر الفعل لما يرى من الحال ، ومثله بيع الملطىّ لا عهد ولا عقد وذلك إن كنت في حال مساومة وحال بيع فتدع أبايعك استغناءا لما فيه من الحال ، ومثله : [طويل]
* مواعيد عرقوب أخاه بيثرب*
كأنه قال واعدتني مواعيد عرقوب أخاه ولكنه ترك واعدتني استغناءا بما هو فيه من ذكر الخلف واكتفاءا بعلم من يعني بما كان بينهما قبل ذلك ، ومن العرب من يقول متعرّض ، ومنهم من يقول صادق والله وكل عربي ، ومثله غضب الخيل على اللّجم كأنه قال غضبت أو رآه غضبان فقال غضب الخيل فكأنه بمنزلة قوله غضبت أى غضبت غضب الخيل على اللجم ، ومن العرب من يرفع فيقول غضب الخيل على اللجم فرفعه كما رفع بعضهم الظّباء على البقر ، ومثله أن تسمع الرجل ذكر رجلا فقلت أهل ذاك وأهله أى ذكرت أهله لأنك في ذكره فحمله على المعنى وإن شاء رفع على هو ونصبه وتفسيره تفسير خير مقدم.
[باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره استغناءا عنه]
وسأمثّله لك مظهرا لتعلم ما أرادوا ان شاء الله تعالى.