على هذا وجعلت الخبر حالا له قد صار فيها فصار كقولك هذا عبد الله منطلقا ، وإنما يريد في هذا الموضع أن يذكر المخاطب برجل قد عرفه قبل ذلك وهو في الرفع لا يريد أن يذكره بأحد ، وإنما أشار فقال هذا منطلق فكأنّ ما ينتصب من أخبار المعرفة ينتصب على أنه حال مفعول فيها لأنّ المبتدأ يعمل فيما بعده كعمل الفعل فيما يكون بعده ، ويكون فيه معنى التنبيه والتعريف ويحول بين الخبر والاسم المبتدإ كما يحول الفاعل بين الفعل والخبر فيصير الخبر حالا قد ثبت فيها فصار فيها كما كان الظرف موضعا قد صير فيه بالنيّة وإن لم يذكر فعلا ، وذلك أنّك إذا قلت فيها زيد فكأنك قلت استقرّ فيها زيد ، وإن لم تذكر فعلا وانتصب بالذي هو فيه كانتصاب الدرهم بعشرين لأنه ليس من صفته ولا محمولا على ما حمل عليه فأشبه عندهم ضارب زيدا ، وكذلك هذا عمل فيما بعده عمل الفعل ، وصار منطلق حالا فانتصب بهذا الكلام انتصاب راكب بقولك مرّ زيد راكبا ، وأما قوله عزوجل (هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) فانّ الحقّ لا يكون صفة لهو من قبل أنّ هو اسم مضمر والمضمر لا يوصف بالمظهر أبدا ، لأنه قد استغنى عن الصفة وإنما تضمر الاسم حين تستغنى بالمعرفة ، فمن ثم لم يكن في هذا الرفع كما كان في هذا الرجل ألا ترى أنك لو قلت مررت بهو الرجل لم يجز ولم يحسن ، ولو قلت مررت بهذا الرجل ، كان حسنا جميلا.
[باب ما ينتصب فيه الخبر لأنه خبر لمعروف يرتفع على الابتداء قدّمته أو أخّرته]
وذلك قولك فيها عبد الله قائما وعبد الله فيها قائما فعبد الله ارتفع لابتداء لأنّ الذي ذكر قبله وبعده ليس به ، وإنما هو موضع له ولكنه يجري مجرى الاسم المبنيّ على ما قبله ، ألا ترى أنك لو قلت فيها عبد الله حسن السكوت وكان كلاما مستقيما كما حسن واستغنى في قولك هذا عبد الله ، وتقول عبد الله فيها فيصير كقولك عبد الله أخوك إلا أن عبد الله يرتفع مقدّما
__________________
ـ * وصف خلاء ديار أحبته وتنكرها عليه لتغيرها بعده وأنه لم يعرفها الا توهما وتذكرا بما عاين من آياتها وهي علاماتها كالأثافي والرماد ونحوهما وقوله لستة أعوام أي بعد ستة أعوام ، كما تقول كتبت لعشر خلون أي بعد عشر.