[باب ما ينتصب لأنه حال يقع فيه الأمر وهو اسم]
وذلك قولك مررت بهم جميعا وعامّة وجماعة كأنّك قلت مررت بهم قياما ، وإنما فرقنا بين هذا الباب والباب الأوّل لأنّ الجميع وعامة اسمان متصرّفان تقول كيف عامّتكم وهؤلاء قوم جميع ، فاذا كان الاسم حالا يكون فيه الامر لم تدخله الألف واللام ولم يضف لو قلت ضربته القائم تريد قائما كان قبيحا ، ولو قلت ضربتهم قائميهم تريد قائمين كان قبيحا فلما كان كذلك جعلوا ما أضيف ونصب نحو خمستهم بمنزلة طاقته وجهده ووحده ، وجعلوا الجمّاء الغفير بمنزلة العراك ، وجعلوا قاطبة وطرّا اذا لم يكونا اسمين بمنزلة الجميع وعامّة ، وكقولك كفاحا ومكافحة وفجاءة فجعلت هذه كالمصادر المعروفة البيّنة كما جعلوا عليك ورويدك كالفعل المتمكّن وكما جعلوا سبحان الله ولبّيك بمنزلة حمدا وسقيا فهذا تفسير الخليل وقوله ، وزعم يونس أنّ وحده بمنزلة عنده وأنّ خمستهم والجمّاء الغفير وقضّهم كقولك جميعا وعامّة وكذلك طرّا وقاطبة بمنزلة وحده ، وجعل المضاف بمنزلة كلّمته فاه الى في وليس مثله لأنّ الآخر هو الأول عند يونس في المسئلة الاولى ، وفاه الى فيّ هيهنا غير الأوّل ، وأمّا طرّا وقاطبة فأشبه بذلك لأنه جيّد أن يكون حالا غير المصدر نكرة ولا يجوز أن يكون حالا غير المصادر إلّا نكرة والذي نأخذ به الأوّل ، وأمّا كلّهم وجميعهم وأجمعون وعامّتهم وأنفسهم فلا يكنّ أبدا إلّا صفة ، وتقول هو نسيج وحده لأنّه اسم مضاف اليه بمنزلة نفسه اذا قلت هذا جحيش وحده ، وجعل يونس نصب وحده كأنّك قلت مررت برجل على حياله فطرحت على فمن ثمّ قال هو مثل عنده ، وهو عند الخليل كقولك مررت به خصوصا ومررت بهم خمستهم مثله ومثل قولك مررت بهم عمّا ، ولا يكون مثل جميعا لما ذكرت لك وصار وحده بمنزلة خمستهم لأنه مكان قولك مررت به واحده فقام وحده مقام واحده فاذا قلت وحده فكأنك قلت هذا.
[باب ما ينتصب من المصادر توكيدا لما قبله]
وذلك قولك هذا عبد الله حقا ، وهذا زيد الحقّ لا الباطل ، وهذا زيد غير ما تقول ،