وقبح عندهم أن يحملوا عمرا على المضمر حتى يقولوا هو ولم تكن ليت واجبة ولا لعلّ ولا كأنّ فقبح عندهم أن يدخلوا الواجب في موضع التّمنّى فيصيروا قد ضموا الى الأوّل ما ليس على معناه بمنزلة إنّ ولكنّ بمنزلة إنّ ، وتقول إن زيدا فيها لابل عمرو ، وإن شئت نصبت ولا بل تجري مجرى الواو ولا.
[باب ما تستوى فيه الحروف الخمسة]
وذلك قولك إنّ زيدا منطلق العاقل اللبيب فالعاقل اللبيب يرتفع على وجهين على الاسم المضمر في منطلق كأنه بدل منه فيصير كقولك مررت به زيد اذا أردت جواب بمن مررت فكأنه قيل له من ينطلق فقال زيد العاقل اللبيب ، وان شاء رفعه على مررت به زيد ، اذا كان جواب من هو فتقول زيد كأنه قيل له من هو فقال العاقل اللبيب ، وإن شاء نصبه على الاسم الأول المنصوب ، وقد قرأ الناس هذه الآية على وجهين (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ عَلَّامُ الْغُيُوبِ.)
[باب ينتصب فيه الخبر بعد الأحرف الخمسة انتصابه إذا صار ما قبله مبنيّا على الابتداء]
لأن المعنى واحد في أنه حال وأنّ ما قبله قد عمل فيه ومنعه الاسم الذي قبله أن يكون محمولا على إنّ وذلك قولك إن هذا عبد الله منطلقا ، وقال تعالى (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) وقد قرأ بعضهم (أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) حمل أمتكم على هذه كأنه قال إنّ أمّتكم كلّها أمّة واحدة ، وتقول إن هذا الرجل منطلق فيجوز في المنطلق هنا ما جاز فيه حين قلت هذا الرجل منطلق إلّا أن الرجل هنا يكون خبرا للمنصوب وصفة له وهو في تلك الحال يكون صفة لمبتدإ أو خبرا له ، وكذلك إذا قلت ليت هذا زيد قائما ولعلّ هذا زيد ذاهبا وكأنّ هذا بشر منطلقا ، إلا أنّ معنى إنّ ولكنّ لأنهما واجبتان كمعنى هذا عبد الله منطلقا وأنت في ليت تمنّاه في الحال وفي كأنّ تشبّهه انسانا في حال ذهابه ، كما تمنّيته انسانا في حال قيام واذا قلت لعلّ فأنت ترجوه أو تخافه في حال ذهاب ، فلعلّ وأخواتها قد عملن فيما بعدهن عملين الرفع والنصب كما أنك حين قلت ليس هذا عمرا ، وكان هذا بشرا عملتا عملين رفعتا ونصبتا كما أنك