[باب ما يعمل عمل الفعل ولم يجر مجرى الفعل ولم يتمكّن تمكّنه]
وذلك قولك ما أحسن عبد الله زعم الخليل أنه بمنزلة قولك شىء أحسن عبد الله ودخله معنى التعجّب وهذا تمثيل ولم يتكلّم به ، ولا يجوز أن تقدّم عبد الله وتؤخّر ما ولا تزيل شيئا عن موضعه ولا تقول فيه ما يحسن ولا شيئا مما يكون في الأفعال سوى هذا ، وبناؤه أبدا من فعل وفعل وفعل وأفعل ، هذا لأنهم لم يريدوا ان يتصرّف فجعلوا له مثالا واحدا يجري عليه فشبّه هذا بما ليس من الفعل نحو لات وما وإن كان من حسن وكرم وأعطى كما قالوا أجدل فجعلوه اسما وان كان من الجدل وأجرى مجرى أفكل ، ونظير جعلهم ما وحدها اسما قول العرب إني ممّا أن أصنع أي من الأمر أن أصنع ، فجعل ما وحدها أسما ومثل ذلك غسلته غسلا نعمّا أي نعم الغسل ، وتقول ما كان أحسن زيدا فتذكر كان لتدلّ أنه فيما مضى.
[باب الفاعلين والمفعولين اللذين كلّ واحد منهما يفعل بفاعله مثل الذى يفعل به وما كان نحو ذلك]
وهو قولك ضربت وضربني زيد ، وضربني وضربت زيدا تحمل الاسم على الفعل الذي يليه فالعامل في اللفظ أحد الفعلين وأما في المعنى فقد يعلم أن الاول قد وقع الا انه لا يعمل في اسم واحد رفع ونصب ، وانما كان الذي يليه أولى لقرب جواره وأنه لا ينقض معنى وان المخاطب قد عرف أن الاول قد وقع بزيد كما كان خشّنت بصدره وصدر زيد وجه الكلام حيث كان الجرّ في الأول وكانت الباء أقرب الى الاسم من الفعل ولا ينقض معنى سوّوا بينهما في الجر كما يستويان في النصب ، ومما يقوّي ترك نحو هذا لعلم المخاطب قوله عزوجل (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) فلم يعمل الآخر فيما أعمل فيه الأوّل استغناء عنه ، ومثل ذلك ونخلع ونترك من يفجرك ، وجاء في الشعر من الاستغناء أشدّ من هذا وذلك قول قيس بن الخطيم : [منسرح]
(١) نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرّأي مختلف |
وقال ضابيء البرجميّ : [طويل]
__________________
(٥٩) استشهد به مقويا لما جاز من حذف المفعول الذي هو فضلة مستغنى عنها في قولهم ضربت وضربني زيد لانه حذف في البيت خبر المبتدأ الأول الذي هو محتاج اليه ولايتم الكلام ـ