(١) فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فاني وقيّارا بها لغريب |
وقال ابن أحمر [واسمه عمرو بن العمرّد الباهلي] : [طويل]
(٢) رماني بأمر كنت منه ووالدي |
|
بريئا ومن أجل الطّويّ رماني |
فوضع في موضع الخبر لفظ الواحد لأنه قد علم أنّ المخاطب سيستدلّ به على أن الآخرين في هذه الصفة ، والأول أجود لأنه لم يضع موضع جمع ولا جمعا في موضع واحد ، ومثله قول الفرزدق : [كامل]
(٣) إني ضمنت لمن أتاني ما جنى |
|
وأبى فكان وكنت غير غدور |
ترك أن يكون للأول خبر استغناء بالآخر ولعلم المخاطب أن الأوّل قد دخل في
__________________
ـ الا به ، وجاز هذا الحذف لأن خبر المبتدأ الثاني دال عليه اذ كان معناه كمعناه والتقدير نحن راضون وأنت راض وهذا يقوى مذهب سيبويه في تقدير الحذف من الأول في قوله عزوجل (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) لأن قوله راض لا يكون خبرا البتة لنحن ولا بد من تقدير حذف خبره ضرورة.
(٦٠) أراد فاني بها لغريب وان قيارا بها لغريب على مذهب سيبويه فحذف من الأول اجتزاء بالآخر لأن الخبر عنهما واحد فهو بمنزلة اني وقيارا بها لغريبان وقيارا اسم فرسه* وصف في البيت جيش عثمان رضياللهعنه بالمدينة حين استعدى عليه والرحل هنا المنزل.
(٦١) أراد كنت منه بريئا ووالدي منه بريئا كما تقدم وهذا كله تقوية لحذف المفعول في هذا البيت* وصف في البيت رجلا كانت بينه وبينه مشاجرة في بئر وهو الطوى فذكر أنه رماه بأمر يكرهه ورمى أباه بمثله على براءتهما منه من أجل المشاجرة التي كانت بينهما ، ويروى ومن جول الطوى رماني والجال والجول جدار البئر من أسفلها الى اعلاها في جميع جوانبها والمعني ان الذي رماني به رجع عليه وكان أحق به فكان كمن رمى في قعر بئر فرجعت رميته عليه ، وهذا البيت على هذه الرواية من أحكم أبيات العرب.
(٦٢) هذه الأبيات المتقدمة في حذف خبر الأول لدلالة خبر الثاني عليه وتقدير جميع الأبيات عند غير سيبويه الا البيت الأول منها وهو قوله «نحن بما عندنا» على التقديم والتأخير فتقدير هذا البيت عند غيره فكان غير غدور وكنت على ان المعنى وكنت كذلك أي وكنت غير غدور فاذا كان حمله على التقديم والتأخير لا يخرجه عن الحذف فقول سيبويه اولى مع اجماعهم في البيت الأول المتقدم الذكر على حذف خبر الأول ضرورة.