وقال عزوجل (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) ولو كان ليس موضع جزاء قبح فيه ان كما يقبح أن تقول أتذكر اذ إن تأتني آتيك فلو قلت إن أتيتني آتيك على القلب كان حسنا.
[باب الجزاء اذا كان القسم في أوله]
وذلك قولك والله ان أتيتني لا أفعل لا يكون الّا معتمدة عليه اليمين ، ألا ترى أنك لو قلت والله ان تأتني آتك لم يجز ولو قلت والله من يأتنى آته كان محالا واليمين لا تكون لغوا كلا والألف لأنّ اليمين لآخر الكلام وما بينهما لا يمنع الآخر أن يكون على اليمين ، واذا قلت أإن تأتني آتك فكأنك لم تذكر الألف واليمين ليست هكذا في كلامهم ألا ترى أنك تقول زيد منطلق فلو أدخلت اليمين غيّرت الكلام ، وتقول أنا والله إن تأتني لا آتك لأنّ هذا الكلام مبني على أنا ، ألا ترى أنه حسن أن تقول أنا والله ان تأتني آتك فالقسم هاهنا لغو ، فاذا بدأت بالقسم لم يجز الّا أن يكون عليه ، ألا ترى أنك تقول لئن أتيتني لا أفعل ذاك لأنها لام قسم ، ولا يحسن في الكلام لئن تأتني لا أفعل لأنّ الآخر لا يكون جزما وتقول والله ان أتيتني آتيك وهو معنى لا آتيك فان أردت أن الاثيان يكون فهو غير جائز وان نفيت الاتيان وأردت معنى لا آتيك فهو مستقيم ، وأما قول الفرزدق : [طويل]
(١) وأنتم لهذا الناس كالقبلة التي |
|
بها أن يضلّ الناس يهدى ضلالها |
فلا يكون الآخر إلا رفعا لأنّ أن لا يجازى بها وإنما هي مع الفعل اسم فكأنه قال لأن يضلّ الناس يهدى وهكذا أنشده الفرزدق :
__________________
(٦٧١) الشاهد فيه رفع يهدي لأن أن ليست من حروف الجزاء والمعنى أنتم كالقبلة التي يهتدي بها الضلال وجعل الفعل للضلال مجازا ، وقال أن يضل الناس توكيدا ولأن الضلال سبب الهدى فذكر لذلك كما تقول أعددت الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه فالاعداد للدعم وذكر الميل لأنه سببه ، والهاء في قوله ضلالها عائدة على الناس لأنهم جماعة ويجوز أن يكون للقبلة على معنى يهدي الضلال عنها ، وقوله لهذا الناس محمول في التذكير على لفظ الناس لانه واحد في معنى جمع.