(١) بدالى أني لست مدرك ما مضى |
|
ولا سابق شيئا اذا كان جائيا |
فجعلوا الكلام على شيء يقع هنا كثيرا. ومثله قول الأحوص : [طويل]
(٢٤٩) مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة |
|
ولا ناعب إلا ببين غرابها |
حملوه على ليسوا بمصلحين ولست بمدرك ، ومثله لعامر بن جوين الطائي : [طويل]
(٢) فلم أر مثلها خباسة واحد |
|
ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله |
حمله على أن لأنّ الشعراء قد يستعملون أن هيهنا مضطرين كثيرا.
[باب منه يضمرون فيه الفعل لقبح الكلام اذا حمل آخره على أوله]
وذلك قولك مالك وزيدا وما شأنك وعمرا فانما حدّ الكلام هيهنا ما شأنك وشأن عمرو ، فان حملت الكلام على الكاف المضمرة فهو قبيح ، وان حملته على الشأن لم يجز لأن الشأن ليس يلتبس بعبد الله انما يلتبس به الرجل المضمر في الشأن فلما كان ذلك قبيحا
__________________
(٢٤٨) (٢٤٩) حمل قوله ولا سابق على معنى الباء في قوله مدرك ، لان معناه لست بمدرك ، فتوهم الباء وحمل عليها كما توهم كان في البيت الاول ، وكذلك توهم الباء في قول الأحوص ليسوا مصلحين فخفض قوله ولا ناعب ، فاذا جاز توهم الحرف الجار مع ضعفه فالحمل على اضمار الفعل أولى وأحرى لقوّته ، وقد رد هذا على سيبويه ولم يجز الراد فيه الا النصب لان حرف الجر لا يضمر ، وقد بين سيبويه ضعفه وبعده مع أخذه لذلك عن العرب سماعا فلا معنى لرد ذلك عليه وقد تقدم هذان البيتان بتفسيرهما في ص ١٠٣ ـ رقم ١٢٩ ـ ١٣٠.
(٢٥٠) الشاهد فيه نصب أفعله باضمار أن ضرورة ودخول أن على كاد لا يستعمل في الكلام فاذا اضطر الشاعر أدخلها عليها تشبيها لها بعسي لاشتراكهما في معني المقاربة ، فلما أدخلوها بعد كاد في الشعر ضرورة توهمها هذا الشاعر مستعملة ثم حذفها ضرورة هذا تقدير سيبويه ، وقد خولف فيه لأن مع ما بعدها اسم فلا يجوز حذفها وحمل الراد الفعل على ارادة النون الخفيفة وحذفها ضرورة والتقدير عنده بعد ما كدت أفعلنه ، وهذا التقدير أيضا بعيد لتضمنه ضرورتين وهما إدخال النون في الواجب ثم حذفها فقول سيبويه أولى لا أن أن قد أتت في الاشعار محذوفة كثيرا* وصف ظلامة هم بها ثم صرف نفسه عنها ، والخباسة الظلامة ورجل خبوس أي ظلوم ، ومعني نهنهت كففت ، وذكر الضمير لأن الظلامة والظلم بمعني واحد.