[باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال صار فيه المذكور]
وذلك قولك أما سمينا فسمين وأما علما فعالم ، وزعم الخليل أنه بمنزلة قولك أنت الرّجل علما ودينا وأنت الرجل فهما وأدبا أي أنت الرجل في هذه الحال ، وعمل فيه ما قبله وما بعده ، ولم يحسن في هذا الوجه الألف واللام كما لم يحسن فيما كان حالا ، وكان في موضع فاعل حالا ، وكذلك هذا فانتصب المصدر لأنه حال مصير فيه ، ومن ذلك قولك أما علما فلا علم له وأما علما فلا علم عنده وأما علما فلا علم تضمر له لأنك انما تعني رجلا ، وقد يرفع هذا في لغة بني تميم ، والنصب في لغتهم أحسن لأنهم يتوهّمون الحال فاذا أدخلت الألف واللام رفعوا لأنه يمتنع من أن يكون حالا ، وتقول أما العلم فعالم بالعلم ، وأما العلم فعالم بالعلم ، فالنصب على أنك لم تجعل العلم الثاني العلم الأوّل الذي لفظت به قبله كأنك قلت أما العلم فعالم بالاشياء ، وأما الرفع فعلى أنه جعل العلم الآخر هو العلم الأوّل فصار قولك أما العلم ، فأنا عالم به وأما العلم فما أعلمنى به ، فهذا رفع لأنّ المضمر هو العلم فصار كقولك أما العلم فحسن ، فان جعلت الهاء غير العلم الأوّل نصبت كأنك قلت ، أما علما فما أعلمني بعبد الله ، واذا قلت أما الضّرب فضارب فهذا ينتصب على وجهين ، على أن يكون الضرب مفعولا كقولك أما عبد الله فأنا ضارب ويكون نصبا على قولك أما علما فعالم كأنك قلت أما ضربا فضارب ، فيصير كقولك أما ضربا فذو ضرب ، وقد ينصب أهل الحجاز في هذا الباب بالألف واللام لأنهم قد يتوهّمون في هذا الباب غير الحال ، وبنو تميم كأنهم لا يتوهّمون غيره فمن ثمّ لم ينصبوا في الألف واللام وتركوا القبح فكأن الذي توهّم أهل الحجاز الباب الذي ينتصب لأنه موقوع له ، نحو قولك فعلته مخافة ذلك ، وذلك قولهم أما النّبل فنبيل ، وأما العقل فهو الرجل الكامل كأنه قال هو الرجل الكامل العقل والرأي أي للعقل والرأي وكأنه أجاب من قال لمه ، وعلى هذا الباب فأجر جميع ما أجريته نكرة حالا اذا أدخلت فيه الألف واللام ، قال الشاعر : [طويل]