وهذه حروف تجري مجرى خلفك وأمامك ولكنا عزلناها لتفسّر معانيها لأنها غرائب ، فمن ذلك حرفان ذكرناهما في الباب الأول ثم لم نفسّر معناهما ، وهما صددك ومعناه القصد وسقبك ومعناه القرب ، ومنه قول العرب هو وزن الجبل أي ناحية منه وهم زنة الجبل أي حذاءه ، ومن ذلك قول العرب هم قرابتك أي قربك يعني المكان وهم قرابتك في العلم أي قريبا منك في العلم فصار هذا بمنزلة قول العرب هو حذاءه وإزاءه وحواليه بنو فلان وقومك أقطار البلاد ، ومن ذلك قول ابي حيّة النميري : [طويل]
(١) إذا ما نعشناه على الرّحل ينثني |
|
مساليه عنه من وراء ومقدم |
ومسالاه عطفاه فصار بمنزلة جنبي فطيمة.
[باب ما شبّه من الأماكن المختصّة بالمكان غير المختضّ شبّهت به اذا كانت]
«تقع على الأماكن»
وذلك قول العرب سمعناه منهم هو منّي منزلة الشّغاف ، وهو مني منزلة الولد ، ويدلك على أنه ظرف قولك هو منّي بمنزلة فانما أردت أن تجعله في ذلك الموضع فصار كقولك منزلي مكان كذا وكذا ، وهو منّي مزجر الكلب وأنت منّي مقعد القابلة وذلك اذا دنا فلزق بك من بين يديك ، قال الشاعر (وهو أبو ذؤيب الهذلي) : [كامل]
__________________
(٣١٦) الشاهد فيه نصب مساليه على الظرف ، والتقدير ينثني في مساليه أي في عطفيه وناحيتيه وسميا مسالين لأنهما أسيلا أي سهلا في طول وانحدار فهما كمسيل الماء* وصف راكبا أدام السرى حتى غشيه النوم وغلبه فجعل ينثني في عطفيه من مقدم الرحل ومؤخره ، ومعنى نعشناه رفعناه ومنه سمي النعش نعشا لحمله على الأعناق ، والهاء في عنه راجعة على الرحل ، أي ينثني عن الرحل من وراء ومقدم.