قبلك فكأنه قال كيف أنت اذا أقبل النّقب الرّكاب جعلهما اسمين ، وزعم الخليل أن النصب جيد اذا جعله ظرفا وهو بمنزلة قول العرب هو قريب منك وهو قريبا منك اي مكانا قريبا منك حدّثنا يونس أن العرب تقول في كلامها هل قريبا منك أحد كقولهم هل قربك أحد ، وأما دونك فهو لا يرفع أبدا وان قلت هو دونك في الشّرف لأن هذا انما هو مثل كما كان هذا مكان ذا في البدل مثلا فانما الأصل في الظروف الموضع والمستقرّ من الأرض كما تقول إنه لصلب القناة وإنه لمن شجرة صالحة ، وأما قصد قصدك فمثل نحي نحوك وأقبل قبلك يرتفع كما يرتفعان وينتصب كما ينتصبان ، وان شئت قلت هو دونك اذا جعلت الأول الآخر ولم تجعله رجلا يعني أنك جعلته أصغر من الذي فوقه ، ويقولون هو دون في غير الاضافة أي هو دون من القوم وهذا ثوب دون اذا كان رديئا.
وأعلم أنه ليس كلّ موضع ولا كلّ مكان يحسن أن يكون ظرفا فما لا يحسن أنّ العرب لا تقول هو جوف الدار ولا هو داخل المسجد ولا هو خارج الدار حتى تقول هو في جوفها وفي داخل الدار ومن خارجها ، وانما فرق بين خلف وما أشبهها وبين هذه الحروف لأنّ خلف وما أشبهها للاماكن التي تلي الاسماء من أقطارها ، على هذا جرت عندهم ، والجوف والخارج عندهم بمنزلة الظّهر والبطن والرأس واليد ، وصارت خلف وما أشبهها تدخل على كل اسم فتصير أمكنة تلي الاسم من نواحيه وأقطاره ومن أعلاه وأسفله وتكون ظروفا كما وصفت لك ، وتكون أسماء نحو قولك هو ناحية الدار ادا أردت الناحية بعينها وهو في ناحية الدار فتصير بمنزلة قولك هو في بيتك وفي دارك ، ويدلّك على أن المجرور بمنزلة الاسم غير الظرف أنك تقول زيد وسط الدار وضربت وسطه وتقول في وسط الدار فيصير بمنزلة قولك ضربت وسطه مفتوحا مثله.
واعلم أن الظروف بعضها أشدّ تمكنا من بعض في الأسماء تحو القبل والقصد والناحية فأما الخلف والامام والتّحت فهن أقلّ استعمالا في الكلام أن تجعل أسماء وقد جاءت على ذلك في الكلام والأشعار.