بقولك مررت برجل أبي عشرة أبوه جاز لأنه قد يوصف به ، تقول هذا مال كلّ مال وليس استعماله وصفا بقوّة أبي عشرة ولا كثرته ، وليس بأبعد من مررت برجل خزّ صفّته ولا قاع عرفج كلّه ، ومن جواز الرفع في هذا الباب أنّى سمعت رجلين من العرب عربيّين يقولان كان عبد الله حسبك به رجلا وهذا أقرب الى أن يكون فيه الاجراء على الأوّل اذا كان في الخزّ والفضّة لأنّ هذا يوصف به ولا يوصف بالخزّ ونحوه.
[باب ما يكون من الأسماء صفة مفردا وليس بفاعل ولا صفة تشبّه بالفاعل]
«كالحسن وأشباهه»
وذلك قولك مررت بحيّة ذراع طولها ومررت بثوب سبع طوله ومررت برجل مائة إبله ، فهذه تكون صفات كما كانت خير منك صفة ، يدلّك على ذلك قول العرب أخذ بنو فلان من بني فلان إبلا مائة ، فجعلوا مائة وصفا ، وقال الشاعر (وهو الأعشي) : [طويل]
(١) لئن كنت في جب ثمانين قامة |
|
ورقّيت أسباب السماء بسلّم |
فاختير الرفع فيه لأنك تقول ذراع الطول ، ولا تقول مررت بذراع طوله ، وبعض العرب يجرّه كما يجرّ الخزّ حين يقول مررت برجل خز صفّته ، ومنهم من يجره وهو قليل كما تقول مررت برجل اسد ابوه ، اذا كنت تريد أن تجعله شديدا ، ومررت برجل مثل الأسد أبوه ، اذا كنت تشبّهه ، فان قلت مررت بدابة أسد أبوها فهو رفع لأنك إنما تخبر أنّ أباها هذا السّبع ، فان قلت مررت
__________________
(٣٤٢) الشاهد فيه جرى الثمانين على الجب نعتا له لأنها تنوب مناب طويل وعميق ونحوه فكأنه قال في جب بعيد القعر طويل* يقول هذا ليزيد بن مسهر الشيباني متوعدا له بالهجاء ، والحرب أي لا ينجيك مني بعدك وضرب رقيه في السماء وهويه تحت الأرض مثلا ، والأسباب الأبواب لأنها تؤدي الى ما بعدها ، وكل ما أدى الى غيره فهو سبب ، وأصل السبب الحبل لانه يوصل الى الماء ونحوه مما يبعد مرامه.