كذلك سمعناهما من الشاعرين اللّذين قالاهما ، واعلم أنه ليس كلّ موضع يجوز فيه التعظيم ولا كلّ صفة يحسن أن يعظّم بها ، لو قلت مررت بعبد الله أخيك صاحب الثياب أو البزّاز لم يكن هذا مما يعظّم به الرجل عند الناس ولا يفخّم به ، وأما الموضع الذي لا يحسن فيه التعظيم فأن تذكر رجلا ليس بنبيه عند الناس ولا معروف بالتعظيم ثم تعظّمه كما تعظّم النبيه وذلك قولك مررت بعبد الله الصالح فان قلت مررت بقومك الكرام الصالحين ثم قلت المطعمين في المحل جاز لأنه اذا وصفهم صاروا بمنزلة من قد عرف منهم ذلك ، وجاز له أن يجعلهم كأنهم قد علموا فاستحسن ما استحسنت العرب وأجره كما أجرته ، وليس كل شيء من الكلام يكون تعظيما لله عزوجل يكون لغيره من المخلوقين ، لو قلت الحمد لزيد تريد العظمة لم يجز وكان تعظيما ، وقد يجوز مررت بقومك الكرام اذا جعلت المخاطب كأنه قد عرفهم كما قال مررت برجل زيد فتنزله منزلة من قال لك من هو وان لم يتكلم به ، فكذلك هذا تنزله هذه المنزلة ، وان كان لم يعرفهم.
[باب ما يجري من الشتم مجرى التعظيم وما أشبهه]
وذلك قولك أتاني زيد الفاسق الخبيث لم يرد أن يكرّره ولا يعرّفك شيئا تنكره ولكنه شتمه بذلك ، وبلغنا أنّ بعضهم قرأ هذا الحرف نصبا (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) لم يجعل الحمالة خبرا للمرأة ولكنه كأنه قال أذكر حمّالة الحطب شتما لها وان كان فعلا لا يستعمل إظهاره ، وقال عروة الصّعاليك : [وافر]
(١) سقوني الخمر ثم تكنّفوني |
|
عداة الله من كذب وزور |
__________________
ـ الحشيش وهي واحدة الخلا وبمنع الحار والأقارب وأذاهم فجعله كالكلب النابح في بخله ومنعه وأذاته.
(٣٧٠) الشاهد فيه نصب العداة على الشتم ولو رفع لجاز والقول فيه كالقول فيما تقدم قبله* وصف ما كان من فعل قوم امرأته حين احتالوا عليه وسقوه الخمر حتى أجابهم الى مفاداتها وكانت سبية عنده وله خبر اختصرته ويروى سقوني النسي وهو الخمر لأنها تنسىء الواجب أي تؤخره وواحد العداة عاد وهو بمعنى العدو.