[باب الفاعل الذي يتعدّاه فعله الى مفعولين فإن شئت اقتصرت على المفعول]
«الأول وإن شئت تعدّى الى الثاني كما تعدى الى الأول»
وذلك قولك : أعطى عبد الله زيدا درهما ، وكسوت بشرا الثياب الجياد ، ومن ذلك اخترت الرجال عبد الله ومثل ذلك قوله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) وسمّيته زيدا وكنيت زيدا أبا عبد الله ودعوته زيدا اذا اردت دعوته التي تجري مجرى سمّيته ، وإن عنيت الدّعاء الى امر لم يجاوز مفعولا واحدا ، ومنه قول الشاعر : [بسيط]
(١) أستغفر الله ذنبا لست محصيه |
|
ربّ العباد اليه الوجه والعمل |
وقال عمرو بن معد يكرب الزّبيدي : [بسيط]
(٢) أمرتك الخير فافعل ما أمرت به |
|
فقد تركتك ذا مال وذا نشب |
وانما فصل هذا أنها أفعال توصل بحروف الاضافة فتقول اخترت فلانا من الرجال وسميته بفلان كما تقول عرّفته بهذه العلامة وأوضحته بها وأستغفر الله من ذلك فلما حذفوا حرف الجر عمل الفعل ، ومن ذلك قول المتلمس (واسمه جرير بن عبد المسيح الضبعي) : [بسيط]
(٣) آليت حبّ العراق الدّهر أطعمه |
|
والحبّ يأكله في القرية السّوس |
__________________
(٢١) أراد من ذنب فحذف الجار واوصل الفعل فنصب ، والذنب ههنا اسم جنس بمعنى الجمع فلذلك قال لست محصيه ، والوجه ههنا القصد والمراد ، وهو بمعنى التوجه
(٢٢) أراد بالخير فحذف ووصل الفعل ونصب ، وسوغ الحذف والنصب ان الخير اسم فعل يحسن أن وما عملت فيه في موضعه ، وأن يحذف معها حرف الجر كثيرا تقول أمرتك أن تفعل تريد بأن تفعل ومن أن تفعل فحسن الحذف في هذا لطول الاسم ويكثر فاذا وقع موقع ان اسم فعل شبه بها فحسن الحذف فان قلت أمرتك بزيد لم يجز أن تقول أمرتك زيدا لما بينت لك ، والنشب المال الثابت كالضياع ونحوها ، وهو من نشب الشيء اذا ثبت في موضع ولزمه ، وكأنه أراد بالمال ههنا الابل خاصة فلذلك عطف عليه النشب ، وقد قيل النشب جميع المال فيكون على هذا التقدير عطفه على الأول مبالغة وتوكيدا وسوغ ذلك اختلاف اللفظين.
(٢٣) أراد على حب العراق فحذف الجار ونصب ، هذا مذهب سيبويه ، وهو الصحيح ، ـ