[باب من الفعل يستعمل في الاسم ثم تبدل مكان ذلك الاسم اسما آخر]
«فيعمل فيه كما عمل في الأول»
وذلك قولك : رأيت قومك أكثرهم ، ورأيت بني زيد ثلثيهم ، ورأيت بني عمك ناسا منهم ، ورأيت عبد الله شخصه ، وصرفت وجوهها أولها ، فهذا يجيء على وجهين على أنه أراد رأيت أكثر قومك ورأيت ثلثي قومك وصرفت وجوه أولها ولكنه ثنىّ الاسم توكيدا كما قال (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) وأشباه ذلك ، فمن ذلك قوله عزوجل (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) وقال الشاعر : [رجز]
(١) وذكرت تقتد برد مائها |
|
وعتك البول على أنسائها |
ويكون على الوجه الآخر الذي أذكره لك وهو أن يتكلم فيقول رأيت قومك ثم يبدو له أن يبين ما الذي رأى منهم فيقول ثلثيهم أو ناسا منهم ، ولا يجوز أن تقول رأيت زيدا أباه والاب غير زيد لانك لا تبينه بغيره ولا بشيء ليس منه وكذلك لا تثنى الاسم توكيدا وليس بالاول ولا شيء منه فانما تثنيه وتؤكده مثنى بما هو منه أو هو هو ، وانما يجوز رأيت زيدا أباه ورأيت زيدا عمرا إما أن يكون أراد أن يقول رأيت أباه فغلط أو نسي ثم استدرك كلامه ، وإما أن يكون أضرب عن ذلك فنحّاه وجعل عمرا مكانه ، فأما الأول فجيد عربي ، مثله قوله عزوجل (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) لأنهم من الناس ، ومثله إلا أنهم أعادوا حرف الجر (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) ومن هذا الباب قولك بعت متاعك أسفله قبل أعلاه ، واشتريت متاعك أسفله أسرع من اشترائي أعلاه ، واشتريت متاعك بعضه
__________________
(١١٥) الشاهد في نصب برد مائها على البدل من تقتد لاشتمال الذكر عليها* وصف ناقة بعد عهدها بورود الماء لادمانها السير في الفلاة فيقول ذكرت برد ماء تقتد وهو موضع بعينه وأثر بولها على انسائها ظاهر بين لخثارته واذا قل ورودها للماء خثر بولها وغلظ واشتدت صفرته ، وعتك البول أن يضرب الى الحمرة ، ومنه قوس عاتكة اذا قدمت واحمرت ، ويروى وعبك البول وهو اختلاطه بوبرها وتلبده به ، والانساء جمع نسا وهو عرق يستبطن الفخذ والساق.