أعجل من بعض ، وسقيت إبلك صغارها أحسن من سقي كبارها ، وضربت الناس بعضهم قائما وبعضهم قاعدا ، فهذا لا يكون فيه الا النصب لأن ما ذكرت بعده ليس مبنيا عليه فيكون مبتدأ وانما هو من نعت الفعل زعمت أن بيعه أسفله كان قبل بيعه أعلاه ، وأن الشّراء كان في بعضه أعجل من بعض ، وسقيه الصغار كان أحسن من سقيه الكبار ، ولم تجعله خبرا لما قبله من المبدل ومن ذلك مررت بمتاعك بعضه مرفوعا وبعضه مطروحا فهذا لا يكون مرفوعا لانك حملت النعت على المرور فجعلته حالا للمرور ولم تجعله مبنيا على مبتدإ وان لم تجعله حالا للمرور جاز الرفع ، ومن هذا الباب «ألزمت الناس بعضهم بعضا وخوّفت الناس ضعيفهم قويهم» ، فهذا معناه في الحديث المعنى الذي في قولك خاف الناس ضعيفهم قويّهم ولزم الناس بعضهم بعضا ، فلما قلت ألزمت وخوفت صار مفعولا وأجريت الثاني على ما جرى عليه الاول وهو فاعل فصار فعلا يتعدى الى مفعولين ، وعلى ذلك دفعت الناس بعضهم ببعض على قولك دفع الناس بعضهم بعضا ، ودخول الباء هيهنا بمنزلة قولك ألزمت كأنك قلت في التمثيل أدفعت ، كما أنك تقول ذهبت به من عندنا ، وأذهبته من عندنا وأخرجته معك وخرجت به معك وكذلك ميّزت متاعك بعضه من بعض ، وأوصلت القوم بعضهم الى بعض فجعلته مفعولا على حد ما جعلت الذي قبله وصار قوله الى بعض ومن بعض في موضع مفعول منصوب ، ومن ذلك فضّلت متاعك أسفله على أعلاه ، فانما جعله مفعولا من قوله خرج متاعك أسفله على أعلاه ، كأنه في التمثيل فضل متاعك أسفله على أعلاه فعلى أعلاه في موضع نصب ، ومثل ذلك صككت الحجرين أحدهما بالآخر على أنه مفعول من اصطكّ الحجران أحدهما بالآخر ، ومثل ذلك قوله عزوجل (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) وهذا ما يجري منه مجرورا كما يجري منصوبا وذلك قولك عجبت من دفع الناس بعضهم ببعض اذا جعلت الناس مفعولين كان بمنزلة قولك عجبت من اذهاب الناس بعضهم بعضا لانك لو قلت أفعلت استغنيت عن الباء ، واذا قلت فعلت احتجت الى الباء وجرى في الجرّ على قولك دفعت الناس بعضهم ببعض ، وان جعلت الناس فاعلين قلت عجبت من دفع الناس بعضهم بعضا جرى في الجرّ على حد مجراه في