المصدر كأنه قال أظنّ ذاك الظنّ أو أظنّ ظنى ، وانما يضعف هذا اذا ألغيت لان الظنّ يلغى في مواضع أظن حتى يكون بدلا من اللفظ به فكره إظهار المصدر هيهنا كما قبح أن يظهر ما انتصب عليه سقيا وسترى ذلك ان شاء الله مبيّنا وهو ذاك أحسن لانه ليس بمصدر وانما هو اسم مبهم يقع على كل شيء ، ألا ترى أنك لو قلت زيد ظنى منطلق لم يجز أن تضع ذاك مكانها وترك ذاك في أظنّ اذا كان لغوا أقوى منه اذا وقع على المصدر لان ذاك اذا كان مصدرا فانك لا تجىء به لان المصدر يقبح أن تجىء به هيهنا فاذا قبح فمجيئك بذاك أقبح لانه مصدر وأظنّ بغير الهاء أحسن لئلا يلتبس بالاسم وليكون أبين في أنه ليس يعمل ، فاما ظننت أنه منطلق فاستغنى بخبر أنّ تقول أظنّ أنّه فاعل كذا وكذا فتفسر ، وانما يقتصر على هذا اذا علم أنه مستغن بخبر أنّ وقد يجوز أن تقول ظننت زيدا اذا قال من تظنّ أي من تتّهم فتقول ظننت زيدا كأنه قال اتّهمت زيدا وعلى هذا قيل ظنين أي متّهم ولم يجعلوا ذاك في حسبت وخلت وارى لان من كلامهم أن يدخلوا المعنى في الشىء لا يدخل في مثله ، وسألته عن أيّهم لم لم يقولوا أيّهم مررت به فقال لان أيّهم هو حرف الاستفهام لا يدخل عليه الالف وانما تركت الالف استغناء فصارت بمنزلة الابتداء ، ألا ترى أن حدّ الكلام أن تؤخّر الفعل فتقول أيّهم رأيت كما تفعل ذلك بالالف فهي نفسها بمنزلة الابتداء فان قلت أيّهم زيدا ضرب قبح كما قبح في متى ونحوها وصار أن يليها الفعل هو الاصل لانها من حروف الاستفهام ولا يحتاج الى الالف فصارت كمتى وأين ، وكذلك من وما لانّهما تجريان معها ولا تفارقانها تقول : من أمة الله ضربها ، وما أمة الله أتاها ، نصب في كلّ ذا لانه أن يلي هذه الحروف الفعل أولى كما أنه لو اضطّرّ شاعر في متى زيدا ضربته.
[باب من الاستفهام يكون الاسم فيه رفعا لانك تبتدئه لتنبّه المخاطب ثم تستفهم بعد]
وذلك قولك زيد كم مرّة رأيته ، وعبد الله هل لقيته ، وعمرو هلا لقيته ، وكذلك سائر حروف الاستفهام فالعامل فيه الابتداء كما أنك لو قلت أرأيت زيدا هل لقيته كان أرأيت هو العامل وكذلك اذا قلت قد علمت زيدا كم لقيته كان علمت هو