[باب الابتداء]
فالمبتدأ كلّ اسم ابتدىء ليبنى عليه كلام والمبتدأ والمبنىّ عليه رفع فالابتداء لا يكون إلا بمبني عليه ، فالمبتدأ الأوّل والمبنيّ ما بعده عليه ، فهو مسند ومسند اليه.
وأعلم أنّ المبتدأ لا بدّ له من أن يكون المبنيّ عليه شيئا هو هو ، أو يكون في مكان أو زمان وهذه الثلاثة يذكر كلّ واحد منها بعد ما يبتدأ ، فأمّا الذي يبنى عليه شيء هو هو فانّ المبنىّ عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء ، وذلك قولك عبد الله منطلق ارتفع عبد الله لأنه ذكر ليبنى عليه المنطلق وارتفع المنطلق لأنّ المبنىّ على المبتدإ بمنزلته ، وزعم الخليل أنه يستقبح أن يقول قائم زيد ، وذاك اذا لم تجعل قائما مقدّما مبنيّا على المبتدإ كما تؤخّر وتقدّم فتقول ضرب زيدا عمرو وعمرو على ضرب مرتفع وكان الحدّ أن يكون مقدّما ويكون زيد مؤخرا ، وكذلك هذا الحدّ فيه أن يكون الابتداء فيه مقدّما وهذا عربيّ جيّد ، وذلك قولك تميمى أنا ومشنوء من يشنؤك ورجل عبد الله وخز صفّتك ، فاذا لم يريدوا هذا المعنى وأرادوا أن يجعلوه فعلا كقوله يقوم زيد وقام زيد قبح لأنه اسم وإنما حسن عندهم أن يجري مجرى الفعل اذا كان صفة جرى على موصوف أو جرى على اسم قد عمل فيه ، كما أنه لا يكون مفعولا في ضارب حتى يكون محمولا على غيره فتقول هذا ضارب زيدا وأنا ضارب زيدا ولا يكون ضارب زيدا على ضربت زيدا وضربت عمرا ، فكما لم يجز هذا كذلك استقبحوا أن يجرى مجرى الفعل المبتدإ وليكون بين الفعل والاسم فصل وان كان موافقا له في مواضع كثيرة ، فقد يوافق الشيء الشيء ثم يخالفه لأنه ليس مثله وقد كتبنا ذلك فيما مضى وستراه فيما تستقبل ان شاء الله.
[باب ما يقع موقع الاسم المبتدإ وبسدّ مسدّه]
لأنه مستقر لما بعده وموضع والذي عمل فيما بعده حتى رفعه هو الذي عمل فيه حين كان قبله ولكن كلّ واحد منهما لا يستغنى به عن صاحبه فلمّا جمعا استغنى عليهما السكوت حتى صارا في الاستغناء كقولك هذا عبد الله وذلك قولك فيها عبد الله ومثله ثمّ زيد وهيهنا عمرو ، وأين زيد ، وكيف عبد الله وما أشبه ذلك ، فمعنى أين في أىّ مكان ،