والمفعول في هذا سواء يرتفع المفعول كما يرتفع الفاعل لانك لم تشغل الفعل بغيره وفرّغته له كما فعلت ذلك بالفاعل فأما الفاعل الذي لا يتعداه فعله فقولك ذهب زيد وجلس عمرو والمفعول الذي لم يتعده فعله ولم يتعد إليه فعل فاعل فقولك ضرب زيد ويضرب عمرو فالاسماء المحدّث عنها والامثلة دليلة على ما مضى وما لم يمض من المحدّث به عن الاسماء وهو الذّهاب والجلوس والضّرب وليست الامثلة بالأحداث ولا ما يكون منه الأحداث وهي الاسماء.
[باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعول]
وذلك قولك ضرب عبد الله زيدا فعبد الله ارتفع ههنا كما ارتفع في ذهب وشغلت ضرب به كما شغلت به ذهب وانتصب زيد لانه مفعول به تعدّى اليه فعل الفاعل ، وإن قدّمت المفعول وأخرت الفاعل جرى اللفظ كما جرى في الأول وذلك قولك ضرب زيدا عبد الله لانك انما أردت به مؤخرا ما أردت به مقدّما ولم ترد أن تشغل الفعل بأول منه وان كان مؤخرا في اللفظ فمن ثم كان حدّ اللفظ فيه أن يكون الفاعل مقدّما وهو عربي جيد كثير كأنهم انما يقدمون الذي بيانه أهمّ لهم وهم ببيانه أعنى وان كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم.
واعلم أن الفعل الذي لا يتعدى الفاعل يتعدى الى اسم الحدثان الذي أخذ منه لانه انما يذكر ليدل على الحدث ألا ترى أن قولك قد ذهب بمنزلة قولك قد كان منه ذهاب ، واذا قلت : ضرب عبد الله لم يستبن أن المفعول زيد او عمرو ، ولا يدل على صنف كما أن ذهب قد دل على صنف وهو الذهاب ، وذلك قولك : ذهب عبد الله الذهاب الشديد.
وقعد قعدة سوء وقعد قعدتين لما عمل في الحدث عمل في المرة منه والمرتين وما يكون ضربا منه فمن ذلك «قعد القرفصاء واشتمل الصمّاء ورجع القهقرى لانه ضرب من فعله الذي أخذ منه ، ويتعدى الى الزمان نحو قولك : ذهب لانه بنى لما مضى منه وما لم يمض ، فاذا قال ذهب فهو دليل على أن الحدث فيما مضى من الزمان ، واذا قيل سيذهب فهو دليل على أنه يكون فيما يستقبل من الزمان ففيه بيان ما مضي وما لم يمض منه كما أن فيه استدلالا على وقوع الحدث وذلك قولك : قعد شهرين وسيقعد شهرين ، وتقول ذهبت أمس وسأذهب غدا فان شئت لم تجعلهما ظرفا فهو يجوز في كل شيء من أسماء الزمان كما جاز في