وقد يبتدأ فيحمل على مثل ما يحمل عليه وليس قبله منصوب وهو عربي وذلك قولك : لقيت زيدا وعمرو كلمته كأنّك قلت لقيت زيدا وعمرو أفضل منه فهذا لا يكون فيه الّا الرفع لانّك لم تذكر فعلا فاذا جاز أن يكون في المبتدإ بهذه المنزلة جاز أن يكون بين الكلام ، وأقرب منه الى الرفع عبد الله لقيت وعمرو لقيت أخاه ، وخالدا رأيت وزيد كلّمت أباه ، فهو هنا الى الرفع أقرب كما كان في الابتداء من النصب أبعد ، وأما قوله عزوجل (يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) فانما وجّهوه على انه يغشى طائفة منكم وطائفة في هذه الحال كأنه قال اذ طائفة في هذه الحال فانما جعله وقتا ولم يرد أن يجعلها واو عطف انما هي واو الابتداء ومما يختار فيه النصب لنصب الاول قوله ما لقيت زيدا ولكن عمرا مررت به وما رأيت زيدا بل خالدا لقيت أباه تجريه على قولك : ضربت زيدا وعمرا لم ألقه يكون الآخر في أنّه يدخله في الفعل بمنزلة هذا حيث لم يدخله لأن بل ولكن لا تعملان شيئا وتشركان الآخر مع الأول لانهما كالواو وثمّ والفاء فأجرهما مجراهن فيما كان فيهن النصب الوجه وفيما جاز فيه الرفع.
[باب يحمل فيه الاسم على اسم بني عليه الفعل مرّة ويحمل]
«مرّة اخرى على اسم مبني على الفعل»
أي ذلك فعلت جاز فان حملته على الاسم الذي بني عليه الفعل كان بمنزلته اذا بنيت عليه الفعل مبتدءا يجوز فيه ما يجوز فيه اذا قلت زيد لقيته وان حملته على الذي بني على الفعل اختير فيه النصب كما اختير فيما قبله وجاز فيه ما جاز في الذي قبله ، وذلك قولك عمرو لقيته وزيد كلمته ، ان حملت الكلام على الأول وان حملته على الآخر قلت عمرو لقيته وزيدا كلمته ، ومثل ذلك قولك زيد لقيت أباه وعمرا مررت به ان حملته على الاب وان حملته على الأول رفعت ، والدليل على ان الرفع والنصب جائز كلاهما انّك تقول زيد لقيت أباه وعمرا ، إن أردت انّك لقيت عمرا والاب ، وان زعمت أنك لقيت أبا عمرو ولم تلقه رفعت ، ومثل ذلك زيد لقيته وعمرو ، إن شئت رفعت وان شئت قلت زيد لقيته وعمرا ، وتقول أيضا زيد ألقاه وعمرو وعمرا ، فهذا يقوّي أنك بالخيار في الوجهين