[باب استعمالهم إيّا اذا لم تقع مواقع الحروف التي ذكرنا]
فمن ذلك قولهم إيّاك رأيت وإيّاك أعني فانما استعملت إياك هيهنا من قبل أنك لا تقدر على الكاف ، وقال الله عزوجل (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) من قبل أنك لا تقدر على كم هيهنا ، وتقول إني وإياك منطلقان لأنك لا تقدر على الكاف ، ونظير ذلك قوله عزوجل (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) فلو قدرت على الهاء التي في رأيته لم تقل إيّاه ، وقال الشاعر : [بسيط]
(١) مبرّء من عيوب الناس كلّهم |
|
فالله يرعى أبا حرب وإيّانا |
لأنه لا يقدر على نا التي في رأيتنا ، وقال الآخر : [وافر]
(٢) لعمرك ما خشيت على عدىّ |
|
سيوف بنى مقيّدة الحمار |
ولكني خشيت على عدىّ |
|
سيوف القوم أو ايّاك حار |
ويروى رماح القوم ، لأنه لم يقدر على الكاف ، وتقول ان ايّاك رأيت كما تقول إياك رأيت من قبل أنّك اذا قلت إن أفضلهم لقيت فأفضلهم منتصب بلقيت ، هذا قول الخليل وهو في هذا غير حسن في الكلام لأنه انما يريد انّه ايّاك لقيت فترك الهاء وهذا جائز في الشعر ، وإن قلت إنّ أفضلهم لقيت فنصبت بأن فهو قبيح حتى تقول لقيته وقد بيّن وجه ذلك ، وقد بيّناه في باب ان وأخواتها ، واستعملت اياك لقبح الكاف والهاء هيهنا ، ونقول عجبت من ضربي ايّاك ، فان قلت لم وقد تقع
__________________
(٥٧٦) الشاهد في استعمالهم ايانا وهو ضمير منفصل حيث لم يقدر علي الضمير المتصل وايا عند سيبويه والخليل اسم مبهم مضاف الى ما بعده من ضمائر المتكلم والمخاطب والغائب للتخصيص ، ويدل على ذلك ما حكاه الخليل من قولهم فاياه وايا الشواب ، وغيرهما يجعلها مع ما اتصل بها من هذه العلامات اسما واحدا على حياله وقولهما أولى للشاهد من كلام العرب
(٥٧٧) الشاهد في اتيانه باياك اذ لم يقدر علي الضمير المتصل بالفعل* هجا قوما فجعل امهم راعية حمر ، وقوله سيوف القوم أراد قوما بأعيانهم مدحهم وفخمهم وعطف اياك على السيوف والتقدير وخشيتك عليه ولو عطفها على القوم لقال أو سيوفك فأعاد السيوف مع الضمير المجرور لأن ضمير الجر لا ينفصل.