قال لا ماء بارد قال ألا ماء بارد ومن ذلك ألا أبالي وألا علامي لي ، وتقول ألا غلامين وجاريتين لك كما تقول لا غلامين وجاريتين لك ، وتقول ألا ماء ولبنا كما قلت لا غلام وجارية لك ، تجريها مجرى لا ناصبة في جميع ما ذكرت لك ، وسألت الخليل عن قوله :
(١) ألا رجلا جزاه الله خيرا |
|
يدلّ على محصّلة تبيت |
فزعم أنه ليس على التمنّي ولكنه بمنزلة قول الرجل فهلّا خيرا من ذلك كأنه قال ألا ترونني رجلا جزاه الله خيرا ، وأمّا يونس فزعم أنه نوّن مضطرّا ، وزعم أنّ قوله : * لا نسب اليوم ولا خلّة* على الاضطرار وأمّا غيره فوجّهه على ما ذكرت لك والذي قال مذهب ، ولا يكون الرفع في هذا الموضع لأنه ليس بجواب لقوله أذا عندك أم ذا وليس في ذا الموضع معنى ليس ، وتقول ألا ماء وعسلا باردا حلوا ، لا يكون في الصفة إلّا التنوين لأنك فصلت بين الاسم والصفة حين جعلت البرد للماء والحلاوة للعسل ، ومن قال لا غلام أفضل منك لم يقل في ألا غلام أفضل منك إلّا بالنصب لأنه دخل فيه معنى التمنّي وصار مستغنيا عن الخبر كاستغناء اللهمّ غلاما ومعناه اللهمّ هب لي غلاما.
[باب الاستثناء]
فحرف الاستثناء إلّا ، وما جاء من الأسماء فيه معنى إلّا فغير وسوى وما جاء من الأفعال فيه معنى إلّا فلا يكون وليس وعدا وخلا ، وما فيه ذلك المعنى من حروف الاضافة وليس باسم فحاشى وخلافي بعض اللغات ، وسأبيّن لك أحوال هذه الحروف ان شاء الله الأوّل فالأوّل.
__________________
(٥٣٩) الشاهد فيه نصب رجل وتنوينه لأنه حمله على اضمار فعل وجعل ألا حرف تحضيض والتقدير ألا ترونني رجلا ، ولو جعلها ألا التي للتمني لنصب ما بعدها بغير تنوين ، هذا تقدير الخليل وسيبويه ، ويونس يرى أنه منصوب بالتمني ونون ضرورة ، والأول أولى لأنه لا ضرورة فيه ، وحروف التحضيض مما يحسن اضمار الفعل بعدها وأراد بالمحصلة امرأة تحصل الذهب من تراب المعدن وتخلصه منه وطلبها للمبيت إما للتحصيل أو للفاحشة.