وإنما أراد لتفد ، وقال متمّم بن نويرة : [طويل]
(١) على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي |
|
لك الويل حرّ الوجه أويبك من بكى |
أراد ليبيك ، وقال أحيحة بن الجلّاح : [وافر]
فمن نال الغنى فليصطنعه |
|
صنيعته ويجهد كلّ جهد |
واعلم أنّ حروف الجزم لا تجزم إلا الأفعال ولا يكون الجزم إلا في هذه الأفعال المضارعة للأسماء كما ان الجرّ لا يكون إلا في الأسماء والجزم في الأفعال نظير الجرّ في الأسماء فليس للاسم في الجزم نصيب وليس للفعل في الجرّ نصيب فمن ثم لم يضمروا الجازم كما لم يضمروا الجارّ وقد أضمره الشاعر شبّهه باضمارهم ربّ وواو القسم في كلام بعضهم.
[باب وجه دخول الرفع في هذه الأفعال المضارعة للأسماء]
اعلم أنها اذا كانت في موضع اسم مبتدأ أو اسم بنى على مبتدإ أو في موضع اسم مرفوع غير مبتدإ ولا مبنيّ على مبتدإ أو في موضع مجرور أو منصوب فانها مرتفعة وكينونتها في هذه المواضع ألزمتها الرفع وهي سبب دخول الرفع فيها وعلته أن ما عمل في الأسماء لم يعمل في هذه الأفعال على حدّ عمله في الأسماء كما أنّ ما يعمل في الأفعال فيجزمها وينصبها لا يعمل في الأسماء وكينونتها في موضع الأسماء ترفعها كما ترفع الاسم كيونته مبتدأ ، فأما ما كان في موضع المبتدإ فقولك يقول زيد ذاك ، وأما ما كان في موضع المبني على المبتدإ فقولك زيد يقول ذاك ، وأما ما كان في موضع غير المبتدإ ولا المبنيّ عليه فقولك مررت برجل يقول ذاك وهذا يوم آتيك ، وهذا زيد يقول ذاك وحسبته ينطلق فهكذا هذا وما أشبهه ، ومن ذلك أيضا هلّا يقول زيد في موضع ابتداء وهلّا لا تعمل في اسم ولا فعل ، فكأنك
__________________
ـ حذفت لامه ضرورة واكتفى بالكسر منها وهذا اسهل في الضرورة وأقرب ، والتبال سوء العاقبة وهو بمعني الوبال فكأن التاء بدل من الواو أي اذا خفت وبال أمر أعددت له.
(٦٠٢) الشاهد في جزم يبكي على إضمار لام الأمر ، ويجوز أن يكون محمولا على معنى فاخمشى لأنه في معنى لتخمشي وهذا أحسن من الأوّل ، والبعوضة هنا موضع بعينه قتل فيه رجال من قومه فحض على البكاء عليهم ، ومعنى اخمشى اخدشي.