مما حذفوا من أنّه فكرهوا أن يدعوا السين او قد إذ قدروا على أن تكون عوضا ولا تنقض ما يريدون لو لم يدخلوا قد ولا السين ، وأما قولهم أما ان جزاك الله خيرا فإنهم إنما أجازوه لأنّه دعاء ولا يصلون الى قد هيهنا ولا الى السين ، وكذلك لو قلت أما أن يغفر الله لك لأنه دعاء ، ومع هذا ايضا انه قد كثر في كلامهم حتى حذفوا فيه إنّه وإنّه لا تحذف في غير ذا ، سمعناهم يقولون اما إن جزاك الله خيرا شبّهوه بأنّه فلما جاوزت إنّ كانت هذه اجوز ، وتقول ما علمت إلا أن تقوم وما أعلم إلا أن تأتيه اذا لم ترد أن تخبر أنك قد علمت شيئا البتّة ، ولكنك تكلّمت به على وجه الاشارة كما تقول أرى من الرأي ان تقوم ، فأنت لا تخبر أنّ قياما قد ثبت كائنا او يكون فيما تستقبل البتّة فكأنه قال لو قمتم ، فلو اراد غير هذا المعنى لقال ما علمت إلّا أن سيقومون ، وانما جاز قد علمت أن عمرو ذاهب لأنك قد جئت بعده باسم وخبر كما كان يكون بعده لو ثقّلته واعملته فلمّا جئت بالفعل بعد أن جئت بشيء كان سيمتنع أن يكون بعده لو ثقّلته او قلت قد علمت أن يقول ذاك كان يمتنع فكرهوا أن يجمعوا عليه الحذف وجواز ما لم يكن يجوز بعده مثقّلا فجعلوا هذه الحروف عوضا :
[باب أم وأو]
أما أم فلا يكون الكلام بها إلا استفهاما ، ويقع الكلام بها في الاستفهام على وجهين على معنى ايّهم وايّهما وعلى ان يكون الاستفهام الآخر منقطعا من الأول ، وامّا أو فانما يثبت بها بعض الأشياء وتكون في الخبر ، والاستفهام يدخل عليها على ذلك الحدّ وسأبيّن لك وجوهه ان شاء الله تعالى.
[باب أم اذا كان الكلام بها بمنزلة ايّهما وايّهم]
وذلك قولك أزيد عندك أم عمرو وأزيدا لقيت ام بشرا ، فأنت الآن مدّع أن عنده احدهما لأنك اذا قلت ايّهما عندك وايّهما لقيت فأنت مدّع أنّ المسؤول قد لقي أحدهما او أن عنده أحدهما إلّا أن علمك قد استوى فيهما لا تدري أيّهما هو ، والدليل على أن قولك أزيد عندك أم عمرو بمنزلة قولك أيّهما عندك أنك لو قلت أزيد عندك أم بشر فقال المسؤول لا كان محالا كما انه اذا قال أيّهما عندك فقال لا فقد أحال.