لا يقول وأنك لا تفعل ، ونظير ذلك قوله عزوجل (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) وقوله (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) وقال ايضا (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ) وزعموا أنها في مصحف أبيّ أنّهم لا يقدرون ، وليست أن التي تنصب الأفعال تقع في هذا الموضع لأنّ ذا موضع يقين وإيجاب ، وتقول كتبت اليه أن لا تقل ذاك وكتبت اليه أن لا يقول ذاك وكتبت اليه أن لا تقول ذاك ، فأما الجزم فعلى الأمر وأما النصب فعلى قولك لئلا يقول ذاك واما الرفع فعلى قولك لأنك لا تقول ذاك او بأنك لا تقول ذاك تخبره بأنّ ذا قد وقع من امره ، فأما ظننت ، وحسبت ، وخلت ، ورأيت فإنّ أن تكون فيها على وجهين على أنها تكون أن التي تنصب الفعل وتكون الثقيلة فاذا رفعت قلت قد حسبت أن لا يقول ذاك وأرى أن سيفعل ذاك ولا تدخل هذه السين في الفعل هيهنا حتى تكون أنه وقال عزوجل (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) كأنك قلت قد حسبت أنه لا يقول ذاك ، حسنت أنه هيهنا لأنك قد أثبتّ هذا في ظنّك كما أثبتّه في علمك وأنك أدخلته في ظنّك على أنه ثابت الآن كما كان في العلم ولو لا ذلك لم يحسن أنك هيهنا ولا أنه فجرى الظنّ هيهنا مجرى اليقين لأنه نفيه ، وان شئت نصبت فجعلتهن بمنزلة خشيت وخفت فتقول ظننت أن لا تفعل ذاك ، ونظير ذلك تظنّ أن يفعل بها فاقرة ، وإن ظنّا أن يقيما حدود الله ، فلا اذا ادخلت هيهنا لم تغيّر الكلام عن حاله ، وانما منع خشيت أن تكون بمنزلة خلت وظننت وعلمت اذا اردت الرفع انّك لا تريد أن تخبر أنك تخشى شيئا قد ثبت عندك ولكنه كقولك أرجو واطمع وعسى ، فأنت لا توجب اذا ذكرت شيئا من هذه الحروف ، ولذلك ضعف أرجو أنك تفعل واطمع انّك فاعل ، ولو قال رجل اخشى أن لا تفعل يريد أن يخبر أنه يخشى امرا قد استقرّ عنده أنّه كائن جاز وليس وجه الكلام.
واعلم انه ضعيف في الكلام أن تقول قد علمت أن تفعل ذاك وقد علمت أن فعل ذاك حتى سيفعل او قد فعل او تنفي فتدخل لا ؛ وذلك لأنهم جعلوا ذلك عوضا