القرطاس ، والله أى أصاب القرطاس ، ولو رأيت ناسا ينظرون الهلال ، وأنت منهم بعيد فكبّروا ، لقلت الهلال وربّ الكعبة أي أبصروا الهلال ، أو رأيت ضربا فقلت على وجه التّفاؤل عبد الله أي يقع بعبد الله أو بعبد الله يكون ، ومثل ذلك أن ترى رجلا يريد أن يوقع فعلا أو رأيته في حال رجل قد أوقع فعلا أو اخبرت عنه بفعل فتقول زيدا تريد اضرب زيدا أو أتضرب زيدا ، ومنه أن ترى الرجل أو تخبر عنه أنّه قد أتى أمرا قد فعله فتقول أكلّ هذا بخلا أي أتفعل كلّ هذا بخلا وان شئت رفعته فلم تحمله على الفعل ولكنك تجعله مبتدءا وإنما أضمرت الفعل هاهنا وأنت تخاطب لأن المخاطب المخبر لست تجعل له فلا آخر في المخبر عنه وأنت في الأمر للغائب قد جعلت له فعلا آخر كأنك قلت قل له ليضرب زيدا ، أو قل له اضرب زيدا أو مره أن يضرب زيدا فضعف عندهم مع ما يدخل من اللبس في أمر واحد أن يضمر فيه فعلان لشيئين.
[باب ما يضمر فيه الفعل المستعمل إظهاره بعد حرف]
وذلك قولك الناس مجزيّون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرّا فشر ، والمرء مقتول بما قتل به إن خنجرا فخنجر وإن سيفا فسيف وإن شئت أظهرت الفعل فقلت إن كان خنجرا فخنجر وإن كان شرّا فشرّ ، ومن العرب من يقول إن خنجرا فخنجرا وإن خيرا فخيرا وإن شرّا فشرّا كأنه قال ان كان الذي عمل خيرا جزى خيرا أو كان خيرا ، وإن كان الذي قتل به خنجرا كان الذي يقتل به خنجرا والرفع أكثر وأحسن في الآخر لأنك اذا أدخلت الفاء في جواب الجزاء استأنفت ما بعدها وحسن أن يقع بعدها الاسماء وإنما أجازوا النصب حيث كان النصب فيما هو جوابه لأنه يجزم كما يجزم وإنه لا يستقيم واحد منهما الا بالآخر فشبّهوا الجواب بخبر الابتداء وان لم يكن مثله في كلّ حاله كما يشبّهون الشيء بالشىء وإن لم يكن مثله ولا قريبا منه ، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى وسنذكره أيضا ان شاء الله ، واذا أضمرت فأن تضمر الناصب أحسن لأنك اذا اضمرت الرافع أضمرت أيضا خبرا أو شيئا يكون في موضع خبره