فكلما كثر الاضمار كان أضعف وإن أضمرت الرافع كما أضمرت الناصب فهو عربي حسن وذلك قولك إن خير فخير وإن خنجر فخنجر ، كأنه قال إن كان معه حيث قتل خنجر فالذى يقتل به خنجر وإن كان في أعمالهم خير فالذي يجزون به خير ، ويجوز أن تجعل إن كان خير على إن وقع خير كأنه قال إن كان خير فالذي يجزون به خير ، وزعم يونس أن العرب تنشد هذا البيت لهدبة بن خشرم العذرى : [طويل]
(١) فإن تك في أموالنا لا نضق بها |
|
ذراعا وإن صبر فنصبر للصّبر |
والنصب فيه جيد بالغ على التفسير الاول والرفع على قوله وإن وقع صبر او إن كان فينا صبر فإنّا نصبر ، وأمّا قول الشاعر «النعمان بن المنذر» : [بسيط]
(٢) قد قيل ذلك إن حقّا وإن كذبا |
|
فما اعتذارك من شيء اذا قيلا |
فالنصب على التفسير الاول والرفع يجوز على قوله إن كان فيه حق ، وان كان فيه باطل كما جاز ذلك في إن كان في أعمالهم خير ، ويجوز أيضا على قوله إن وقع حق وإن وقع باطل ، ومن ذلك قوله عزوجل (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) ومثل ذلك قول العرب في مثل من أمثالهم إن لاحظيّة فلا أليّة ، أي إن لا تكن له في الناس حظية فانى غير أليّة ، كأنها قالت في المعنى إن كنت ممن لا يحظى عنده فانى غير أليّة ، ولو عنت بالحظية نفسها لم يكن إلا نصبا اذا جعلت
__________________
(٢٠٨) الشاهد فيه حمل ما بعد ان على اضمار فعل مع جواز النصب والرفع فيه وتقدير الرفع ان وقع صبر وتقدير النصب ان كان الذي يقع ويجب صبرا والصبر هنا الأمر الذى يجب الصبر عليه لما فيه من الفضل والشرف ، وكان قد قتل ابن عم له ثم اعترف بقتله فيقول ان الزمنا الدية لم نضق بها ذرعا ، ولم تعجز اموالنا عنها وان وجب علينا القتل وقع صبرنا له من الكرم والفضل.
(٢٠٩) الشاهد فيه نصب حق وكذب باضمار فعل يقتضيه حرف الشرط لأنه لا يكون الا بفعل والتقدير ان كان ذلك حقا وان كان كذبا ، ورفعه جائز على معنى ان وقع فيه حق او كذب.