(١) كرّوا الى حرّتيكم تعمرونهما |
|
كما تكرّ الى أوطانها البقر |
فعلى قوله كرّوا عامرين وإن شئت رفعت على الابتداء ، وتقول مره يحفرها وقل له يقل ذاك وقال عزوجل (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) ولو قلت مره يحفرها على الابتداء كان جيدا ، وقد جاء رفعه على شيء هو قليل في الكلام على مره أن يحفرها فاذا لم يذكروا أن جعلوا المعنى بمنزلته في عسينا نفعل ، وهو في الكلام قليل لا يكادون يتكلّمون به فاذا تكلّموا به فالفعل كأنه في موضع اسم منصوب كأنه قال عسى زيد قائلا ، ثم وضع يقول في موضعه ، وقد جاء في الشعر ، قال طرفة بن العبد : [طويل]
(٢) ألا أيّها ذا الزاجري أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللّذات هل أنت مخلدي |
وسألته عن قوله عزوجل (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) فقال تأمرونّي كقولك هو يقول ذاك بلغنى ، فبلغني لغو فكذلك تأمرونّي كأنه قال فيما تأمرونّي كأنه قال فيما بلغني وان شئت كان بمنزلة* ألا أيّها ذا الزاجري أحضر الوغى*
[باب الحروف التي تنزل بمنزلة الأمر والنهي لأن فيها معنى الأمر والنهي]
فمن تلك الحروف حسبك وكفيك وشرعك وأشباهها ، تقول حسبك ينم الناس ، ومثل ذلك اتّقى الله امرؤ وفعل خيرا يثب عليه لأنّ فيه معنى ليتّق الله
__________________
(٦٨٣) الشاهد في تعمرونهما لوقوعه موقع الحال ، والتقدير كروا عامرين أي مقدرين لهذه الحال صائرين اليها ولو أمكنه الجزم على جواب الأمر لجاز وحمله على القطع جائز أيضا* يقول هذا لبنى سليم في هجائه لقيس وبنو سليم منهم وحرة بني سليم معروفة وثناها بحرة أخرى تجاورها ، والحرة الارض ذات الحجارة السود ، واشتقاقها من حر النار كأنها أحرقت لسوادها ، وعيرهم بالنزول في الحرة لحصانتها ولامتناع الدليل بها.
(٦٨٤) الشاهد في رفع أحضر لحذف الناصب وتعريه منه والمعنى لأن أحضر الوغى ، وقد يجوز النصب باضمار أن ضرورة وهو مذهب الكوفيين والوغى الحرب.