فكأنه قال فكفى بك فارسا وانما يريد كفيت فارسا ودخلته هذه الباء توكيدا.
ومن ذلك قول الأعشى :
(١) تقول ابنتي حين جدّ الرّحيل |
|
فأبرحت ربّا وأبرحت جارا |
ومثله أكرم به رجلا.
[باب ما لا يعمل في المعروف إلا مضمرا]
وذلك لأنهم بدئؤا بالاضمار لأنهم شرطوا التفسير وذلك نووا ، فجرى ذلك في كلامهم هكذا كما جرت إنّ بمنزلة الفعل الذي تقدّم مفعوله قبل الفاعل فلزم هذا هذه الطريقة في كلامهم كما لزمت إنّ هذه الطريقة في كلامهم ، وما انتصب في هذا الباب فانه ينتصب كانتصاب ما انتصب في باب حسبك به ، وذلك قولهم نعم رجلا عبد الله كأنك قلت حسبك به رجلا عبد الله ، لأنّ المعنى واحد ، ومثل ذلك ربّه رجلا كأنك قلت ويحه رجلا في أنه عمل فيما بعده كما عمل ويحه فيما بعده لا في المعنى ، وحسبك به رجلا مثل نعم رجلا في العمل وفي المعنى ، وذلك لأنهما ثناء في استيجابهما المنزلة الرفيعة ، ولا يجوز لك أن تقول نعم ولا ربّه وتسكت ، لأنهم انما بدئوا بالاضمار على شريطة التفسير ، وانما هو اضمار مقدّم قبل الاسم ، والاضمار الذي يجوز عليه السكوت نحو زيد ضربته ، انما أضمر بعد ما ذكر الاسم مظهرا ، فالذي تقدّم من الاضمار لازم له التفسير حتى يبيّنه ولا يكون في موضع الاضمار في هذا الباب مظهر ، ومما يضمر لأنه يفسّره ما بعده ولا يكون في موضعه مظهر قول العرب إنّه كرام قومك ، وإنّه ذاهبة أمتك ، فالهاء اضمار الحديث الذي ذكرت بعد الهاء كأنه في التقدير وإن كان
__________________
(٤٤٤) الشاهد فيه نصب رب وجار على التمييز ، والمعني أبرحت من رب ومن جار أي بلغت غاية الفضل في هذا النوع ، والمعني على هذا أبرح ربك وأبرح جارك ثم جعل الفعل لغير الرب والجار فقال أبرحت ربا وأبرحت جارا كما تقول طبت نفسا وقررت عينا أي طابت نفسك وقرت عينك وهذا أبين من التفسير الأول وعليه يدل صدر البيت ، وأراد بالرب الملك الممدوح وكل من ملك شيئا فهو ربه.