يريد يا جارية ، وقال في مثل افتد مخنوق وأصبح ليل ، وأطرق كرا ، وليس هذا بكثير ولا قوي ، وأما المستغاث به فيا لازمة له لأنه يجتهد ، وكذلك المتعجّب منه وهو قولك يا للناس ويا للماء وانما اجتهد لأن المستغاث عندهم متراخ أو غافل والتعجب كذلك والندبة يلزمها يا ووا لأنهم يختلطون ويدعون من قد فات وبعد عنهم ، ومع ذلك انّ الندبة كأنهم يترنّمون فيها فمن ثم ألزموها المدّ وألحقوا آخر الاسم المدّ مبالغة في الترنّم.
[باب ما جرى على حرف النداء وصفا له]
وليس بمنادى ينبّهه غيره ولكنه اختصّ كما أن المنادى محتص من بين أمّته لأمرك أو نهيك أو خبرك فالاختصاص أجرى هذا على حرف النداء كما أنّ التّسوية أجرت ما ليس باستخبار ولا استفهام على حرف الاستفهام لأنك تسوي فيه كما تسوّي في الاستفهام فالتسوية أجرته على حرف الاستفهام ، والاختصاص أجرى هذا على حرف النداء ، وذلك قولك ما أدري أفعل أم لم يفعل ، فجرى هذا كقولك أزيد عندك أم عمرو وأزيد أفضل أم خالد اذا استفهمت لأن علمك قد استوى فيهما كما استوى عليك الأمران في الأول فهذا نظير الذي جرى على حرف النداء ، وذلك قولك أما أنا فأفعل كذا وكذا أيّها الرجل ونفعل نحن كذا وكذا أيّها القوم ، وعلى المضارب الوضيعة أيّها البائع
__________________
ـ جعله الجارية نكرة وهو يشير الى جارية بعينها فقد صارت معرفة بالاشارة ولم يذهب سيبويه الى ما تأوله المبرد عليه من أنه نكرة بعد النداء انما أراد أنه اسم شائع في الجنس نقل الى النداء وهو نكرة وكيف يتأول عليه الغلط في مثل هذا وهو قد فرق بين ما كان مقصودا بالنداء من أسماء الأجناس وبين ما لم يقصد قصده ولا اختص بالنداء من غيره بأن جعل الأول مبنيا على الضم بناء زيد وغيره من المعارف وجعل الآخر معربا بالنصب وهذا من التعسف الشديد والاعتراض القبيح ، والعذير هنا الحال وكان يحاول عمل حلس لبعيره فهزئت منه فقال لها هذا وبعده :
* سيري واشفاقي على بعيري*
أي لا تستنكرى عذيري واشفاقي على بعيرى وسيري عني واذهبي ، ويقال أراد بالعذير هيهنا الصوت كأنه كان يرجز في عمله لحلسه فأنكرت عليه ذلك.